للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدب الكاذب]

كنا وكان الأدب حالًا قائمة بالنفس صاحبها أن يقدم على شر أو يحدث نفسه به أو يكون عونًا لفاعليه عليه، فإن ساقته إليه شهوة من شهوات النفس أو نزوة من نزوات العقل وجد نفسه عند غشياته من المضض والامتعاض ما ينغصه عليه ويكدر صفوه وهناءه، ثم أصبحنا وإذا الأدب صور ورسوم وحركات وسكنات وإشارات والتفاتات لا دخل لها في جوهر النفس ولا علاقة لها بشعورها ووجدانها، فأحسن الناس عند الناس أدبًا وأكرمهم خلقًا وأشرفهم مذهبًا من يكذبُ على أن يكون كذبه سائغًا مهذبًا، ومن يخلف الوعد على أن يحسن الاعتذار عن إخلافه، ومن يبغض الناس جميعًا بقلبه على أن يحبهم جميعًا بلسانه، ومن يقترف ما شاء من الجرائم والذنوب على أن يتخلص من نتائجها وآثارها، وأفضل عندهم من هؤلاء جميعًا أولئك الذين برعوا في فن "الآداب العالية" أي فن الرياء والنفاق وتفوقوا في استظهار تلك الصور الجامدة التي تَواضع عليها جماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>