للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سعد باشا: في منفاه

في الساعة التي نزلتَ فيها إلى قاع السفينة "نوراليا" لتفارق هذا العالم كله إلى جزائر "سيشيل" صعد خصومك إلى كراسي مناصبهم فرحين متهللين يهنئ بعضهم بعضا، ويبسم بعضهم إلى بعض، ولا أعلم هل تلك الحمرة الخفيفة التي جالت في وجوههم في تلك الساعة كانت خالصة كلها للسرور والغبطة، أم كان يمازجها شيء للخجل والحياء، ولعلها كانت الثانية، فإني من لا يعتقد أن الضمير الإنساني إذا جمد ينتهي به جموده إلى الموت.

أنت سجين وهم مطلقون، أنت معذب وهم ناعمون، أنت مستوحش منفرد في قفرة جرداء لا أنيس لك فيها ولا سمير إلا بضعة أفراد مثلك مستوحشين منفردين, وهم مؤتنسون بالعيش في قصورهم وبساتينهم وملاعبهم ومسارحهم بين نسائهم وأولادهم وصحبهم وخلانهم، أنت مكتئب حزين يتقاسم قلبك همان؛ هم نفسك وهم قومك، وهم فرحون متهللون، يطفرون ويمرحون،

<<  <  ج: ص:  >  >>