للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة السادسة: العلامات التي يُعرف بها كون الحديث موضوعاً.

تناول الأئمة رحمهم الله - عند كلامهم على الحديث الموضوع - بعض العلامات التي تدل على كون الحديث موضوعاً، وذلك مما يقع في متنه دون إسناده، بحيث ترشد هذه العلامات الناظرَ فيه إلى أنه ليس من كلام النبيصلى الله عليه وسلم.

ولكن ليس ذلك بمقدور كل أحد، وإنما تميزت بذلك طائفة معينة من الأئمة، هيأهم الله لذلك، واختصهم بخصائص ليست لغيرهم، أولئك: هم جهابذةُ الحديث وأطباؤه، وصيارفته ونقاده.

قال ابن القَيِّم - رحمه الله - في بيان صفة هذه الطائفة، والأسباب التي أوصلتهم إلى هذه المرتبة:

"وإنما يعلم ذلك - يعني كون الحديث موضوعاً -: من تَضَلَّع١ في معرفة السنن الصحيحة، واختلطت بلحمه ودمه، وصار له فيها ملكة، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار، ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يأمر به وينهى عنه، ويخبر عنه ويدعو إليه، ويحبه ويكرهه، ويشرعه للأمة، بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحد من أصحابه"٢.


١ تَضَلَّعَ الرجل: امتلأ ما بين أضلاعه شبعاً ورياً. (لسان العرب: ص٢٥٩٩، مادة: ضلع) .فمراد ابن القَيِّم هنا: من تَشَبَّعَ بمعرفة السنن حتى امتلأ من هذه المعرفة، وصار له فيها شأن.
٢ المنار المنيف: (ص٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>