للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثامن: في ذكر فوائدَ متفرقة في الجرح والتعديل

الفائدة الأولى: في عدم جواز ذكر الجرح في الرجل، والسكوت عن التعديل.

من المعلوم أنه إذا كان الراوي فيه جرح وتعديل، فإنه لابد لمن يتعرض للكلام فيه - مُصَنِّفاً كان أم ناقلاً - أن يَذْكر كل ما قيل فيه جرحاً وتعديلاً، لا أن يذكر الجرح ويُعْرض عن التعديل، أو يذكر التعديل ويسكت عن الجرح.

ولا شك أن هذا الصنيع مذموم مِنْ فاعله؛ إذ يترتب عليه - في الحالة الأولى وهي: ذكر الجرح - ظن من لا معرفة له بهذا الشأن أن هذا الراوي مجمع على ضعفه، فيبني على ذلك حُكْمَهُ بِرَدِّ حديثه، وإسقاط روايته.

ولذلك فقد عاب الحافظ الذهبي - رحمه الله - ابن الجوزي لسلوكه هذا المسلك في كتابه (الضعفاء) ، فقال في ترجمة أبان بن يزيد العطار: "وقد أورده - أيضاً - العلامة أبو الفرج بن الجوزي في الضعفاء، ولم يذكر فيه أقوال من وَثَّقَه. وهذا من عيوب كتابه: يسرد الجرح، ويسكتُ عن التوثيق"١.

ولما طَعَنَ الكوثري في "أسد بن موسى" بنقله كلام ابن حزم في جرحه، وسكوته عن نقل كلام من وَثَّقَهُ، كشف حاله العلامة المعلمي في (التنكيل) ٢. ثم قال: "وقد أساء الأستاذ إلى نفسه جداً؛ إذ يقتصر على


١ الميزان: (١/١٦) . وانظر: تهذيب التهذيب: (١/١٠٢) .
(١/٢٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>