للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحافظ أبي بكر محمد بن عمر الرازي فقد خالف ماصرح به أبو زرعة نفسه، الذي وافق فيه أحمد، ولقد روى الخطيب البغدادي بسنده الى أم عمرو بنت شمر أنها قالت: "سمعت سويد بن غفلة يقرأ (وعيس عين)، يريد حورعين. قال صالح: ألقيت هذا على أبي زرعة فبقي متعجباً. وقال: أنا أحفظ قي القراءات عشرة آلاف حديث. قلت: فتحفظ هذا؟ قال: لا" (١) أقول: فلعله زاد في حفظه لها بعد هذه الحادثة فأصبح يحفظ المقدار الذي صرح به- والله أعلم.

ومن الطريف ما ذكره الخطيب بسنده إلى أبي العباس محمد بن جعفر الرازي أنه قال: "سئل أبو زرعة الرازي عن رجل حلف بالطلاق إن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث، هل حنث؟ فقال: لا، ثم قال أبو زرعة: أحفظ مائتي ألف كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد، وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث" (٢).

لذا يعد من الحفاظ القلائل الذين حفظوا هذا القدر العظيم من كلام النبوة، كابن أبي شيبة، والبخاري، وإبراهيم بن موسى الرازي، وغيرهم حتَّى إن الإمام أحمد صرح بحفظه وسرده للأحاديث من بين أقرانه فقد سأله ابنه عبد الله: "يا أبت من الحفاظ؟ قال: يا بني شباب كانوا عندنا من أهل خراسان، وقد تفرقوا. قلت: من هم يا أبت؟ قال: محمد ابن إسماعيل ذاك البخاري، وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي، وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك


(١) انظر: تاريخ بغداد ج ١٠ ص ٣٢٨، وتهذيب الكمال ورقة (٤٤٢ - أ)، وتاريخ دمشق، وسير أعلام النبلاء، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢، وطبقات المفسرين ج ١ ص ٣٧٠.
(٢) انظر: تاريخ بغداد ج ١٠ ص ٣٣٥، وتاريخ دمشق، وتهذيب الكمال ورقة (٤٤٢ - أ)، والمنتظم ج ٥ ص ٤٧، وحكم الذهبي على هذه الحكاية بالإرسال.
انظر: سير أعلام النبلاء، ولقد ذكرها ابن عدي صاحب الكامل عن أبيه، حيث كان ضمن القوم الذين ذهبوا إلى أبي زرعة كي يستفتوه. ولعلها حادثة أخرى لأنه لم يذكر مقدار الحفظ. انظر: مقدمة الكامل ص ٢١٣، وشرح علل الترمذي ص ١٩١، وطبقات الشافعية للسبكي ج ١ ص ٦٥.