للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَطِّرُ فِي أَثْنَاءِ الْوَرَقَةِ فَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يُكْمِلَهَا. وَلَيْسَ هَذَا بِمَذْمُومٍ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى حُسْنِ الصَّنْعَةِ وَنُصْحِ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ)

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ مَا أَحْدَثَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَهُوَ أَنْ يَنْسَخَ الْخِتْمَةَ عَلَى غَيْرِ مَرْسُومِ الْمُصْحَفِ الَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ عَلَى مَا وَجَدَتْهُ بِخَطِّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقُرْآنُ يُكْتَبُ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ، فَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى اعْتِلَالِ مَنْ خَالَفَ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْعَامَّةَ لَا تَعْرِفُ مَرْسُومَ الْمُصْحَفِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ الْخَلَلُ فِي قِرَاءَتِهِمْ فِي الْمُصْحَفِ إذَا كُتِبَ عَلَى الْمَرْسُومِ فَيَقْرَءُونَ مَثَلًا وَجَائِي وَجَاي؛ لِأَنَّ رَسْمَهَا بِأَلْفٍ قَبْلَ الْيَاءِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: ٦١] {أَنَّى يُصْرَفُونَ} [غافر: ٦٩] فَإِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ بِإِظْهَارِ الْيَاءِ إمَّا سَاكِنَةً وَإِمَّا مَفْتُوحَةً. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ} [الفرقان: ٧] مَرْسُومُ الْمُصْحَفِ فِيهَا بِلَامٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْهَاءِ فَإِذَا وَقَفَ عَلَيْهَا التَّالِي وَقَفَ عَلَى اللَّامِ.

وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى لَا أَذْبَحَنَّهُ {وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} [التوبة: ٤٧] مَرْسُومُهُمَا بِأَلْفٍ بَعْدَ لَا فَإِذَا قَرَأَهُمَا مَنْ لَا يَعْرِفُ قَرَأَهُمَا بِمَدَّةٍ بَيْنَهُمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرٌ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْمَرْسُومَ مِنْ الْأُمَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقْرَأَ فِي الْمُصْحَفِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْقِرَاءَةَ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَتَعَلَّمَ مَرْسُومَ الْمُصْحَفِ فَإِنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَالتَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَدْ تَعَدَّتْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ إلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلْيَتَحَفَّظْ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

(فَصْلٌ)

وَيَنْبَغِي لَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْسَخَ الْخِتْمَةَ بِلِسَانِ الْعَجَمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَهُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَلَمْ يُنْزِلْهُ بِلِسَانِ الْعَجَمِ.

وَقَدْ كَرِهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>