للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا وَغَيَّرُوا وَذَلِكَ لَا تُعْلَمُ مَوَاضِعُهُ فَتُتْرَكُ كُلُّهَا فَإِنْ < m s=٠٠٢٥٢٠> أَتَوْا إلَيْهِ بِكِتَابٍ مَكْتُوبٍ بِالسُّرْيَانِيَّةِ أَوْ الْعِبْرَانِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا فَلَا يُجَلِّدُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرُّقَى بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ كُفْرٌ فَكُلُّ مَا حَاكَ فِي صَدْرِ الْإِنْسَانِ مِنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فَيَتَعَيَّنُ تَجَنُّبُهُ.

(فَصْلٌ)

وَيَتَعَيَّنُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى الْعَمَلِ عِنْدَهُ أَنْ يَتَحَرَّزَ مِمَّنْ هَذَا حَالُهُ مِنْ الصُّنَّاعِ فَلَا يَعْمَلُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَهُ بِذَلِكَ لَعَلَّهُ أَنْ يَتُوبَ أَوْ يَرْجِعَ. هَذَا إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ رَفْعِ ذَلِكَ إلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي إنْكَارِ الْمُنْكَرِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَفْعُهُ إلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ أَوْ رَفَعَهُ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ هِجْرَانُ الصَّانِعِ الَّذِي يَتَعَاطَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَهُ بِالْحُكْمِ فِيهِ حَتَّى يَشِيعَ بَيْنَ النَّاسِ وَيَعْلَمَ أَنَّ هَذَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ (أَنَّ الظَّلَمَةَ يُحْشَرُونَ هُمْ وَأَعْوَانُهُمْ حَتَّى مَنْ مَدَّ لَهُمْ مَدَّةً) فَإِذَا كَانَ مَدُّ لَهُمْ مَدَّةٍ بِهَذَا الْحَالِ فَمَا بَالُك بِالصَّانِعِ الَّذِي يُجَلِّدُ لَهُمْ مَا يَصُونُونَ بِهِ مَا ارْتَكَبُوهُ مِمَّا هُوَ مَمْنُوعٌ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْمَلَ غِلَافًا لِدَوَاةٍ فِيهَا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْإِعَانَةُ عَلَيْهِ بِتَجْلِيدِهَا.

وَكَذَلِكَ لَا يُجَلِّدُ شَيْئًا لِظَالِمٍ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا - مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعِينَ شَرِيكٌ.

الثَّانِي - أَنَّ أَكْثَرَ أَمْوَالِهِمْ حَرَامٌ وَالصَّانِعُ يَتْعَبُ فِي صَنْعَتِهِ لِيَأْكُلَ الْحَلَالَ ثُمَّ مَعَ تَعَبِهِ يَأْكُلُ الْحَرَامَ فَيَتَحَفَّظُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ وَيَنْهَى غَيْرَهُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ النَّاسُ يَتَحَفَّظُونَ مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ لَقَلَّ الظُّلْمُ وَعُرِفَ صَاحِبُهُ وَلَكِنْ قَدْ صَارَ الْأَمْرُ عِنْدَ الصَّانِعِ وَغَيْرِهِ سَوَاءً فِي الْغَالِبِ فَيُسَوُّونَ بَيْنَ مَنْ كَسْبُهُ حَلَالٌ وَحَرَامٌ، وَلَا يُعَرِّجُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

كُلُّ هَذَا سَبَبُهُ التَّغَافُلُ عَمَّا أُمِرَ الْإِنْسَانُ بِهِ وَانْضَمَّ إلَيْهِ اسْتِئْنَاسُ النُّفُوسِ بِالْعَوَائِدِ الْمُحْدَثَةِ مَعَ وُجُودِ الِاسْتِشْرَافِ لِلزِّيَادَةِ مِنْ الدُّنْيَا فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْذَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>