للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ الْكَتَّانِيُّ أَوْ شِبْهُهُمَا فَتَحْصُلُ الْخَلْوَةُ بِهِ، وَنَفْسُ وُقُوعِ الْخَلْوَةِ مُحَرَّمٌ وَعِنْدَهَا وَمَعَهَا تَكْثُرُ الْمَفَاسِدُ حَتَّى لَا يُسْتَبْعَدَ وُقُوعُ الْمَعْصِيَةِ مَعَ أَنَّ دَوَامَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وُقُوعِ الْمَعْصِيَةِ الْكُبْرَى أَشَدُّ وَأَضَرُّ وَذَلِكَ أَنَّ دَوَامَ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ صُغْرَى أَحَبُّ إلَى اللَّعِينِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ الْكُبْرَى؛ لِأَنَّ النَّاسَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ التَّوْبَةُ مِنْ الْكُبْرَى وَالْإِقْلَاعُ عَنْهَا بِخِلَافِ الصُّغْرَى، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَهَاوَنُونَ بِهَا وَهِيَ مَعَ الدَّوَامِ عَلَيْهَا تَصِيرُ كُبْرَى نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. مِثَالُهُ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ وَمَنْ أَشْبَهَهُ إنْ وَاقَعَ الْمَعْصِيَةَ الْكُبْرَى قَدْ لَا يَدُومُ فَيُزَيِّنُ لَهُ الشَّيْطَانُ تَرْكَهَا حَتَّى تَكْثُرَ مِنْهُ الْمُخَالَفَاتُ بِسَبَبِ دَوَامِ خُرُوجِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ مَعَ الْمُحَادَثَةِ وَالْمُمَازَحَةِ وَالْخَلَوَاتِ، وَكَذَلِكَ الْجَارُ وَالْجَارَةُ وَمَنْ تَرَبَّى بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي حَالِ الصِّغَرِ، وَلَا تَجِدُ فِي الْغَالِبِ الْفَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ ذُكِرَ إلَّا سَلَامَةَ مَحَلِّ الْجِمَاعِ وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَيَسْتَوِي فِيهِ الزَّوْجُ وَغَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ عِنْدَ قُرْبِ زَوْجِهَا لَهَا بَعْضُهُمْ يُمَثِّلُ الصُّورَةَ الَّتِي رَآهَا وَتَعَلَّقَ خَاطِرُهُ بِهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ كُلِّهَا أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

الْأَوَّلُ - عَدَمُ السُّؤَالِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَمَّا يَلْزَمُ الْمَرْءَ فِي تَصَرُّفِهِ.

وَالثَّانِي - اسْتِحْكَامُ الْعَوَائِدِ الرَّدِيئَةِ الْمُحْدَثَةِ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا دِينٌ يُتَدَيَّنُ بِهِ غَالِبًا وَالثَّالِثُ تَحْسِينُ الظَّنِّ بِمَنْ أَخْبَرَ الشَّارِعُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْهُ بِأَنَّهُ نَاقِصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ. وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى تَجِدُ بَعْضَهُمْ إذَا حَجَّتْ امْرَأَتُهُ أَطْلَقَ لَهَا السَّبِيلَ فِي الِاجْتِمَاعِ بِمَنْ شَاءَتْ وَالْخُرُوجِ عَلَى مَنْ شَاءَتْ لِتَحْسِينِ ظَنِّهِ بِهَا مِنْ أَجْلِ حَجِّهَا وَالْمَفَاسِدُ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَمَا أَشْبَهَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ لَكِنْ مَا وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ يُغْنِي عَنْ التَّصْرِيحِ بِغَيْرِهِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ. وَقَدْ سَمِعْت سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَحْكِي عَنْ أَحَدِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ كَبِيرَ السِّنِّ وَكَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ عُمْرُهَا مِائَةُ سَنَةٍ أَوْ نَحْوُهَا وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا جَاءَ يَدُقُّ الْبَابَ خَرَجَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ فَفَتَحَتْ لَهُ فَكَانَ يَوْمًا فِي الدَّرْسِ فَوَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ احْتَاجَ إلَى إحْضَارِ النَّقْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>