للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرْطَةَ مِحْجَمٍ. وَيَنْوِي مَعَ ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نِيَّةِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فِي خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ وَرُجُوعِهِ إلَيْهِ وَتَلَبُّسُهُ بِهَذِهِ النِّيَّاتِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ إذَا بَدَا لَهُ، وَلَا يُنْقِصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا. وَيَنْبَغِي مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ الْأَوْجَبُ أَنْ تَكُونَ لِلنِّسَاءِ صَانِعَةٌ مُسْلِمَةٌ مُتَجَالَّةٌ تَفْعَلُ لَهُنَّ فِعْلَ الْمُزَيِّنِ حَتَّى لَا يَضْطَرَّهُنَّ الْأَمْرُ إلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَالصِّبْيَانُ الْمَأْمُونُونَ الَّذِينَ هُمْ دُونَ مُرَاهَقَةِ الْبُلُوغِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَاَلَّذِينَ مِنْ الشُّيُوخِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ عَدَمِ الْخَلْوَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَإِذَا كَانَتْ الصَّانِعَةُ هِيَ الَّتِي تُبَاشِرُ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُجْتَنَبَ مِنْهُنَّ مَنْ كَانَتْ شَابَّةً؛ لِأَنَّهَا تَمْشِي وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الْوَجْهِ غَالِبًا مُظْهِرَةً لِلزِّينَةِ وَالتَّبَرُّجِ وَالْغَالِبُ عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهَا الْوُقُوعُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَوْ قَدَّرْنَا سَلَامَتَهَا لَكَانَ تَبَرُّجُهَا عَلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ مُحَرَّمًا فَيُخَافُ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَيْهَا أَنْ تَكْتَسِبَ شَيْئًا مِنْ خِصَالِهَا وَأَحْوَالِهَا الْمَذْمُومَةِ شَرْعًا، وَكَانَ يَتَعَيَّنُ أَنْ لَا تُتْرَكَ شَابَّةٌ تَعْمَلُ هَذَا؛ لِأَنَّهُنَّ يَتَوَصَّلْنَ بِهِ إلَى الْوُقُوعِ فِي الْمُخَالَفَاتِ وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَتُعْجِبُهُ الشَّابَّةُ مِنْهُنَّ فَيُفْتَحُ لَهَا الْبَابَ عَلَى أَنَّهَا تَعْمَلُ لِأَهْلِهِ فَمَا تَشْعُرُ إلَّا وَهِيَ مَعَهُ فِي خَلْوَةٍ فَيُخَافُ مَعَ ذَلِكَ الْوُقُوعُ فِي الْمَعْصِيَةِ الْكُبْرَى وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ هَجْرُ مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِنْ الصَّوَانِعِ وَمَنْ اسْتَعْمَلَهَا لَمْ يَتَّصِفْ بِهِجْرَانِهَا إذْ إنَّهُ قَدْ أَعَانَهَا وَمَنْ أَعَانَهَا كَانَ شَرِيكًا لَهَا فِيمَا ارْتَكَبَتْهُ مِمَّا يُخَالِفُ الشَّرْعَ الشَّرِيفَ، أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ مِنْ ذَلِكَ بِمَنِّهِ.

وَهَذَا الْحُكْمُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا تُضْطَرُّ الْمَرْأَةُ إلَيْهِ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَتُمْنَعُ مِنْهُ. مِثَالُهُ أَنْ تَدْخُلَ الصَّانِعَةُ أَوْ الْمُزَيِّنُ أَوْ غَيْرُهُمَا لَتُفَلِّجَ أَسْنَانَهَا أَوْ تُجَرِّدَهَا لِتَبْيَضَّ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ فَعَلَتْهُ بِنَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ هَذَا وَجْهٌ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَة وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَة وَفِيهِ الْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ» وَهَذَا مِنْهُ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَلَى الْمُزَيِّنِ أَيْضًا أَنْ يَجْتَنِبَا مَا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ ارْتِكَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>