للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي قَصَدُوهُ وَجَدُوهُ رَدِيئًا عَلَى غَيْرِ الْعَيْنِ الَّتِي رَأَوْهَا، وَلَا يُمْكِنُهُمْ الرُّجُوعُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذَرُ عَلَى دِينِهِ فَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بَعْدَ الْبَيَانِ فَيَغْرَمُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ غَالِبًا وَهَذَا نَادِرٌ وُقُوعُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُدَلِّسُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا دَلَّسَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ هُوَ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَأَنْوَاعُ الْغِشِّ فِي هَذَا النَّوْعِ كَثِيرَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَمَا وَقَعَ التَّنْبِيهُ بِهِ يَدُلُّ عَلَى بَاقِيهِ بِالضِّمْنِ. وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَنْصَحَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ بِخَلَاصِ ذِمَّتِهِ وَأَنْ يَنْصَحَ إخْوَانَهُ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَقْصِدُونَهُ مِنْهُ مِنْ وَضْعِ الْأَشْيَاءِ مَوَاضِعَهَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا يُفْعَلُ فِي الْمَطَابِخِ]

ِ اعْلَمْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ الْمَطَابِخَ هِيَ الْأَصْلُ لِلْأَشْرِبَةِ وَفِيهَا أُمُورٌ عَدِيدَةٌ عَجِيبَةٌ يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِهَا لِيُتَحَفَّظَ مِنْهَا إذْ الْعِلْمُ قَائِمٌ يَأْمُرُ وَيَنْهَى فَأَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَنْدَ إذَا أُتِيَ بِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَزِنُونَهُ فِيهِ يَنْكَسِرُ بَعْضُهُ غَالِبًا وَقَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ قَبْلُ؛ فَيَقَعُ بَعْضُهُ عَلَى الْأَرْضِ وَيَخْتَلِطُ بِزِبْلِ الدَّوَابِّ وَالتُّرَابِ الْمُتَنَجِّسِ ثُمَّ يَضُمُّونَهُ بِمَا اخْتَلَطَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَفْرَادِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ إذَا طُبِخَ وَغُلِيَ وَصُفِّيَ مِنْ الْعُيُونِ طَهُرَ (فَصْلٌ) ثُمَّ إنَّ الْقَنْدَ إذَا كُسِّرَ صَحِيحُهُ فِي الْمَطْبَخِ وَجُعِلَ فِي الْجِفَانِ بَعْدَ طَبْخِهِ وَصَفُّوهُ فِي بَيْتِ التَّعْلِيقِ حَطُّوهُ فِيهِ مَكْشُوفًا فَقَلَّ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ بَوْلِ الْفَأْرَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْحَشَرَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَيْهِ سِيَّمَا الْأَيَّامُ الَّتِي يَكْثُرُ الْخَشَاشُ فِيهَا فَإِذَا أَرَادُوا دَفْنَهُ عَمَدُوا بِهِ إلَى طِينٍ فِي بَيْتِ الدَّفْنِ مُعَدٍّ لِتَغْطِيَتِهِ بِهِ وَذَلِكَ الطِّينُ مَعَ كَوْنِهِ فِي بُيُوتٍ مُظْلِمَةٍ مَكْشُوفَةٍ يَدْخُلُ الصُّنَّاعُ إلَى بَيْتِ الْخَلَاءِ حُفَاةً وَيَمْشُونَ كَذَلِكَ فِي الطَّرَقَاتِ عَلَى النَّجَاسَاتِ - وَبَيْتُ الْخَلَاءِ وَالطُّرُقَاتُ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ - ثُمَّ يَمْشُونَ بِتِلْكَ الْأَقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ الطِّينِ فَيَدُوسُونَهُ بِهَا وَالْغَالِبُ أَنَّ الْفَأْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>