للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحَارِمِهَا.

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ» وَقَدْ أَمَرَهُنَّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يُصَلِّينَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَهُنَّ بِهِ وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُنَّ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَلَا فِي إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا أَوْ صَلَاتِهَا عَلَى الْمَحْمَلِ لِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ إلَّا مَا ذُكِرَ قَبْلُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْزِلَ إلَى فِعْلِ الطَّهَارَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا فَعَلَتْهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا النُّزُولُ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ وَتَسْتَتِرُ جَهْدَهَا وَيَحْرُمُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ النَّظَرُ إلَيْهَا.

هَذَا حُكْمُ الْفَرَائِضِ. وَأَمَّا السُّنَنُ فَجَائِزٌ فِعْلُهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إيمَاءً» .

وَكَذَلِكَ صَلَاةُ اللَّيْلِ إلَّا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ إلَّا بِطَاعَتِهِ وَطَاعَتُهُ فِعْلُ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكُ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ.

فَمِنْ تَقْوَاهُ تَقْدِيمُ مَا قَدَّمَهُ اللَّهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ وَتَقْدِيمُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى تَرْكِ الْمَكْرُوهَاتِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ الْجَاهِلُونَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ إلَى رَبِّهِمْ يَتَقَرَّبُونَ وَهُمْ مِنْهُ مُبْتَعِدُونَ فَيُضَيِّعُ أَحَدُهُمْ الْوَاجِبَاتِ حِفْظًا لِلْمَنْدُوبَاتِ وَيَرْتَكِبُ الْمُحَرَّمَاتِ صَوْنًا عَنْ الْمَكْرُوهَاتِ، وَلَا يَقَعُ فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا ذَوُو الضَّلَالَاتِ وَأَهْلُ الْجَهَالَاتِ انْتَهَى.

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يُقَدِّمَ مَا قَدَّمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُؤَخِّرَ مَا أَخَّرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. فَآكَدُ الْفَرَائِضِ وَأَعْلَاهَا وَأَعْظَمُهَا بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إقَامَةُ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَمَنْ أَبَى فَهُوَ كَافِرٌ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَوْضِعُ الصَّلَاةِ مِنْ الدِّينِ مَوْضِعُ الرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ» وَإِذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>