للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْإِحْرَامِ شَبِيهٌ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُقُوفُهُمْ بِعَرَفَةَ شَبِيهٌ بِوُقُوفِهِمْ فِي الْمَحْشَرِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَغَيْرُهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ شَبِيهٌ بِالْمَوَاقِفِ الَّتِي لَهُمْ فِي الْمَحْشَرِ وَالسُّؤَالُ عِنْدَ كُلِّ مَوْقِفٍ وَكَوْنُ بَرَكَةِ بَعْضِهِمْ تَعُمُّ عَلَى بَعْضٍ شَبِيهٌ بِالْمَحْشَرِ أَيْضًا فَإِنَّ بَرَكَةَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - تَعُودُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أُمَمِهِمْ، وَالصَّالِحُ مِنْ الْأُمَمِ تَعُودُ بَرَكَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ بِحَسْبِ حَالِهِ وَحَالِهِمْ. ثُمَّ اُنْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى حِكْمَةِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ أَيْضًا فِي أَمْرِهِ بِالِاجْتِمَاعِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي جَمَاعَةٍ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِمَا وَرَدَ «مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَغْفُورٍ لَهُ غُفِرَ لَهُ» فَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِهَذِهِ الْفَائِدَةِ. وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ مَنْ هُوَ مَغْفُورٌ لَهُ فَأُمِرَ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لِيَحْصُلَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِبَادَةِ مَعَ مَنْ هُوَ مَغْفُورٌ لَهُ فَيُغْفَرُ لِلْجَمِيعِ بِسَبَبِهِ. وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي أَهْلِ الْبَلَدِ مَنْ اتَّصَفَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَأُمِرَ بِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ لِيَأْتِيَهَا أَهْلُ الْبَلَدِ وَمَنْ هُوَ حَوَالَيْهَا فَيَشْتَرِكَ الْجَمِيعُ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَيُغْفَرُ لِلْجَمِيعِ بِسَبَبِ مَنْ هُوَ مَغْفُورٌ لَهُ مِنْهُمْ، وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي الْبَلَدِ وَلَا حَوَالَيْهَا مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَأُمِرَ بِالِاجْتِمَاعِ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَهُوَ مُعْظَمُهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ فَيُغْفَرُ لِلْجَمِيعِ بِسَبَبِ الْمُتَّصِفِ بِالْمَغْفِرَةِ لَهُ وَالرِّضَا عَنْهُ، وَهَذَا خَيْرٌ عَظِيمٌ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ فَيَتَعَيَّنُ التَّحَفُّظُ عَلَى حُضُورِ تِلْكَ الْجَمَاعَاتِ وَتِلْكَ الشَّعَائِرِ كُلِّهَا لِيَفُوزَ مَنْ حَضَرَهَا مَعَ الْفَائِزِينَ. مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا بِذَلِكَ بِمَنِّهِ

[فَصْلٌ مَعْرِفَةُ مَا يَلْزَمُهُ فِي حَجِّهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَعْدَهُ]

{فَصْلٌ}

وَآكَدُ مَا عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ مَا يَلْزَمُهُ فِي حَجِّهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فَأَوَّلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي حَجِّهِ مَعْرِفَةُ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ وَمَا يَجْتَنِبُهُ فِي إحْرَامِهِ وَمَا يُفْسِدُهُ وَمَا يَجْبُرُهُ. فَفَرَائِضُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ، وَهِيَ النِّيَّةُ وَالْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. زَادَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>