للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَقَاحَةِ وَأَنَّهُ عَادَةُ أَبْنَاءِ اللِّئَامِ. وَيُمْنَعُ الْيَمِينَ رَأْسًا صِدْقُهَا وَكَذِبُهَا حَتَّى لَا يَتَعَوَّدَهُ فِي الصِّغَرِ. وَيُمْنَعُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْكَلَامِ وَيُعَوَّدُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا جَوَابًا وَأَنْ يُحْسِنَ الِاسْتِمَاعَ مَهْمَا تَكَلَّمَ غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا وَيُوَسِّعُ لِمَنْ فَوْقَهُ الْمَكَانَ وَيَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَيُمْنَعُ مِنْ لَغْوِ الْكَلَامِ وَفُحْشِهِ وَعَنْ اللَّعِبِ وَالشَّتْمِ وَمِنْ مُخَالَطَةِ مَنْ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَاحِشِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْرِي لَا مَحَالَةَ مِنْ الْقُرَنَاءِ السُّوءِ. وَيَنْبَغِي إذَا ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ أَنْ لَا يُكْثِرَ عَلَيْهِ الصُّرَاخَ وَالشَّغَبَ وَلَا يَسْتَشْفِعَ بِأَحَدٍ بَلْ يَصْبِرَ وَيُذَكَّرُ أَنَّ ذَلِكَ دَأْبُ الشِّجْعَانِ وَالرِّجَالِ وَأَنَّ كَثْرَةَ الصُّرَاخِ دَأْبُ الْمَمَالِيكِ وَالنِّسْوَانِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمَكْتَبِ أَنْ يَلْعَبَ لَعِبًا جَمِيلًا يَسْتَرِيحُ إلَيْهِ مِنْ تَعَبِ الْأَدَبِ بِحَيْثُ لَا يَتْعَبُ فِي اللَّعِبِ فَإِنَّ مَنْعَ الصَّبِيِّ مِنْ اللَّعِبِ وَإِرْهَاقَهُ إلَى التَّعْلِيمِ دَائِمًا يُمِيتُ قَلْبَهُ وَيُبْطِلُ فِكْرَهُ وَذَكَاءَهُ وَيُبْغِضُ إلَيْهِ ذَلِكَ وَيُنَغِّصُ عَيْشَهُ حَتَّى يَطْلُبَ الْحِيلَةَ فِي الْخَلَاصِ مِنْهُ رَأْسًا.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّمَ طَاعَةَ وَالِدَيْهِ وَمُعَلِّمِهِ وَمُؤَدِّبِهِ وَكُلِّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا مِنْ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْجَلَالَةِ وَالتَّعْظِيمِ وَأَنْ يَتْرُكَ اللَّعِبَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. وَمَهْمَا بَلَغَ سِنَّ التَّمْيِيزِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَامَحَ فِي تَرْكِ الطَّهَارَةِ وَيُؤْمَرُ بِالصِّيَامِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ مِنْ رَمَضَانَ وَبِتَجَنُّبِ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيُعَلَّمُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حُدُودِ الشَّرْعِ وَيُخَوَّفُ مِنْ السَّرِقَةِ وَأَكْلِ الْحَرَامِ وَمِنْ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَالْفُحْشِ وَكُلِّ مَا يَغْلِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ شِدَّةِ الْكَلَامِ مِنْ لِسَانِهِ فَإِذَا وَقَعَتْ نَشْأَتُهُ فِي صِبَاهُ انْتَفَعَ بِذَلِكَ وَمَهْمَا قَارَبَ الْبُلُوغَ أَمْكَنَ أَنْ يُعَرَّفَ أَسْرَارَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَيُذْكَرُ لَهُ أَنَّ الْأَطْعِمَةَ أَدْوِيَةٌ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا أَنْ يَتَقَوَّى الْإِنْسَانُ بِهَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَأَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا لَا أَصْلَ لَهَا إذْ لَا بَقَاءَ لَهَا وَأَنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ نَعِيمَهَا وَأَنَّهَا دَارُ مَمَرٍّ لَا دَارُ مُقَرٍّ وَأَنَّ الْمَوْتَ مُنْتَظَرٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَأَنَّ الْكَيِّسَ الْعَاقِلَ مَنْ تَزَوَّدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>