للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ فِعْلِ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنْ الْمُتَبَرِّجَاتِ، وَكَذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُنَّ مِنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْقَصِيرِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَتَرْكِ السَّرَاوِيلِ وَتَقِفُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فِي بَابِ الرِّيحِ عَلَى هَذِهِ السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا، فَمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ أَوْ الْتَفَتَ رَأَى عَوْرَتَهَا، وَالشَّرْعُ أَمَرَهَا بِالتَّسَتُّرِ الْبَالِغِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ.

[فَصْلٌ السُّنَّةَ فِي هيئة خُرُوجِ النِّسَاء إنْ اضْطَرَّتْ إِلَيَّ الْخُرُوج]

فَصْلٌ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُنَّ السُّنَّةَ فِي الْخُرُوجِ إنْ اضْطَرَّتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَتْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ فِي حَفْشِ ثِيَابِهَا وَهُوَ أَدْنَاهُ وَأَغْلَظُهُ، وَتَجُرُّ مِرْطَهَا خَلْفَهَا شِبْرًا أَوْ ذِرَاعًا وَيُعَلِّمُهُنَّ السُّنَّةَ فِي مَشْيِهِنَّ فِي الطَّرِيقِ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ حَكَمَتْ أَنْ يَكُونَ مَشْيُهُنَّ مَعَ الْجُدَرَانِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ الطَّرِيقَ» وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ وَقَدْ اخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ: اسْتَأْخِرْنَ فَلَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تُضَيِّقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ» فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْصَقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى أَنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا انْتَهَى.

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ رَزِينٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي فِي طَرِيقٍ وَأَمَامَهُ امْرَأَةٌ فَقَالَ لَهَا: تَنَحِّي عَنْ الطَّرِيقِ فَقَالَتْ: الطَّرِيقُ وَاسِعٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعُوهَا فَإِنَّهَا جَبَّارَةٌ» انْتَهَى.

وَلَمَّا كَانَ مَشْيُهُنَّ مَعَ الْجُدْرَانِ نَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ الْبَوْلِ هُنَاكَ لِئَلَّا يَنْجَسَ مِرْطُ مَنْ مَرَّتْ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحِكَمِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفَوَائِدُهَا مُتَعَدِّدَةٌ، وَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى هَذِهِ السُّنَنِ كَيْفَ انْدَرَسَتْ فِي زَمَانِنَا هَذَا حَتَّى بَقِيَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تُعْرَفْ لِمَا ارْتَكَبْنَ مِنْ ضِدِّ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الشَّرْعِيَّةِ، فَتَقْعُدُ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَادَتِهِنَّ بِحَفْشِ ثِيَابِهَا وَتَرْكِ زِينَتِهَا وَبِحَمْلِهَا، وَبَعْضُ شَعْرِهَا نَازِلٌ عَلَى جَبْهَتِهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَوْسَاخِهَا وَعَرَقِهَا حَتَّى لَوْ رَآهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لَنَفَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>