للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ بِمَوْضِعٍ يَرَاهُ مِنْهُ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ فِي الْبُعْدِ بِحَيْثُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إذْ كَانَ كَذَلِكَ انْزَاحَتْ تِلْكَ الْمَفَاسِدُ كُلُّهَا وَسَقَطَ عَنْهُ التَّغْيِيرُ وَغَيْرُهُ.

وَهَذَا طَرِيقٌ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ قَبْلُ كَمَا قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ أَحْدَثَ مِئْذَنَةً عَلَى دُورٍ سَبَقَتْهَا أَنَّهُ إذَا صَعِدَ الْمُؤَذِّنُ عَلَيْهَا وَرَأَى النَّاسَ فِي بُيُوتِهِمْ وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ مَيَّزَ ذَلِكَ مُنِعَ إحْدَاثُهَا، وَالصُّعُودُ عَلَيْهَا

وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ حُكْمَ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَوَاضِعِهِ، وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: بَعِيدٌ مِنْ الْعُمْرَانِ وَقَرِيبٌ مِنْهُ لَا ضَرَرَ عَلَى أَحَدٍ فِي إحْيَائِهِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي إحْيَائِهِ ضَرَرٌ عَلَى مَنْ يَخْتَصُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، فَأَمَّا الْبَعِيدُ مِنْ الْعُمْرَانِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي إحْيَائِهِ إلَى اسْتِئْذَانِ الْإِمَامِ إلَّا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ،

وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْهُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِي إحْيَائِهِ عَلَى أَحَدٍ فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْهُ الَّذِي فِي إحْيَائِهِ ضَرَرٌ كَالْأَفْنِيَةِ الَّتِي يَكُونُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا ضَرَرًا بِالطَّرِيقِ وَشِبْهُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ بِحَالٍ، وَلَا يُبِيحُ ذَلِكَ الْإِمَامُ

، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ النِّسَاء لِلْقُبُورِ]

فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْقُبُورِ، وَإِنْ كَانَ لَهُنَّ مَيِّتٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ حَكَمَتْ بِعَدَمِ خُرُوجِهِنَّ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِنِسَاءٍ خَرَجْنَ فِي جِنَازَةٍ أَتَحْمِلْنَهُ فِيمَنْ يَحْمِلُهُ قُلْنَ لَا قَالَ: أَفَتُنْزِلْنَهُ قَبَرَهُ فِيمَنْ يُنْزِلُهُ قُلْنَ: لَا قَالَ: أَفَتَحْثِينَ عَلَيْهِ التُّرَابَ فِيمَنْ يَحْثِي قُلْنَ: لَا قَالَ: فَارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» «وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِفَاطِمَةَ ابْنَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حِينَ لَقِيَهَا فِي طَرِيقٍ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْت فَقَالَتْ مِنْ عِنْدِ جِيرَانٍ لَنَا عَزَّيْتُهُمْ فِي مَيِّتِهِمْ فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>