للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الْمَقَابِرِ وَتَأَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا فِي تِلْكَ الْمَوْضِعِ فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ عَلَى الْمَقَابِرِ فَيَقَعُونَ فِي النَّهْيِ الصَّرِيحِ فَلَمَّا أَنْ مَضَى لِسَبِيلِهِ وَتَوَلَّى ذَلِكَ مَنْ تَوَلَّى قَامَ بَعْضُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ فَفَعَلُوا ذَلِكَ كَعَادَةِ شَيْخِهِمْ وَاسْتَأْكَلُوا بِذَلِكَ بَعْضَ الْحُطَامِ الَّذِي فِي أَيْدِي بَعْضِ مَعَارِفِهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي الْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ مِنْ الذَّمِّ وَصَارَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ قَلَّمَا يَفُوتُهُمْ الْخُرُوجُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إلَى شُهُودِ ذَلِكَ، فَأَيْنَ الشَّفَقَةُ، وَالرَّحْمَةُ لِلْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصِيحَةِ لِنَفْسِهِ، وَلِإِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ؟ أَيْنَ شِعَارُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؟ أَيْنَ شِعَارُ أَهْلِ الْإِيمَانِ؟ أَيْنَ شِعَارُ الْعُلَمَاءِ؟ أَيْنَ شِعَارُ الْأَوْلِيَاءِ؟ أَيْنَ شِعَارُ الْمُتَّقِينَ؟ أَيْنَ شِعَارُ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَزُورُونَهُمْ وَيَتَبَرَّكُونَ بِهِمْ؟ هَيْهَاتَ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَزْعُمُونَ، إذْ أَنَّ تَعْظِيمَهُمْ وَحُصُولَ بَرَكَتِهِمْ إنَّمَا يَكُونُ بِالِاتِّبَاعِ لَهُمْ وَاقْتِفَاءِ آثَارِهِمْ لَا بِالْمُخَالَفَةِ وَاقْتِرَافِ الذُّنُوبِ أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى السَّلَامَةَ مِنْ خَسْفِ الْقُلُوبِ وَانْقِلَابِ الْحَقَائِقِ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ لَا رَبَّ سِوَاهُ.

[فَصْلٌ فِي مَوْلِدِ النَّبِيّ والبدع المحدثة فِيهِ]

فَصْلٌ فِي الْمَوْلِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>