للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الشِّمَالَ وَيُؤَخِّرَ الْيَمِينَ وَيَنْوِيَ امْتِثَالَ السُّنَّةِ حِينَ خُرُوجِهِ بِالدُّعَاءِ الْوَارِدِ أَيْضًا فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِك.

وَيَنْوِيَ امْتِثَالَ السُّنَّةِ فِي أَخْذِ الْقَدَمِ بِالشِّمَالِ حِينَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَحِينَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَإِنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَتْ أَنَّ كُلَّ مُسْتَقْذَرٍ يُتَنَاوَلُ بِالشِّمَالِ، وَكُلُّ طَاهِرٍ يُتَنَاوَلُ بِالْيَمِينِ وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ الْمُسْتَحَبُّ فِي التَّخَتُّمِ أَنْ يَكُونَ فِي الشِّمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَيُجْعَلُ فِي الشِّمَالِ.

فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ وَخَرَجَ بِتِلْكَ النِّيَّةِ لَعَلَّهُ يَسْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا كَثِيرٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ فَتَرَاهُمْ إذَا دَخَلَ أَحَدُهُمْ الْمَسْجِدَ يَأْخُذُ قَدَمَهُ بِالْيَمِينِ، وَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ أَحَدُهُمْ مِنْ كِتَابٍ فَيَكُونُ الْكِتَابُ فِي شِمَالِهِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ فِي أُمُورِهِ مَحْذُورَاتٌ.

مِنْهَا أَنْ يَجْهَلَ السُّنَّةَ فِي هَذَا النَّزْرِ الْيَسِيرِ فَإِذَا جَهِلَ الطَّالِبُ السُّنَّةَ فِي مُنَاوَلَةِ كِتَابِهِ وَقَدَمِهِ فَكَيْفَ حَالُهُ فِي غَيْرِهَا؟ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ.

وَمِنْهَا مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ دُخُولِهِ بَيْتَ رَبِّهِ وَإِلَى أَدَاءِ فَرْضِهِ وَمِنْهَا ارْتِكَابُهُ الْبِدْعَةَ فَيَسْتَفْتِحُ عِبَادَتَهُ بِهَا. وَمِنْهَا اقْتِدَاءُ النَّاسِ بِهِ وَقِلَّةُ تَحَفُّظِهِمْ عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي تَصَرُّفِهِمْ لِأَجْلِ تَصَرُّفِهِ

وَمِنْهَا مَا فِيهِ مِنْ التَّفَاؤُلِ، وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَهُوَ أَخْذُ كِتَابِهِ بِشِمَالِهِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى السَّلَامَةَ وَحُسْنَ الْعَاقِبَةِ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

وَيَنْوِي مَعَ ذَلِكَ امْتِثَالَ السُّنَّةِ بِأَنْ لَا يَجْعَلَ نَعْلَهُ فِي قِبْلَتِهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ خَلْفَهُ يَتَشَوَّشُ فِي صَلَاتِهِ وَقَلَّ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ جَمْعُ خَاطِرٍ فِيهَا وَإِنْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ فَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ لِلطَّهَارَاتِ فَمَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْيَسَارِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد نَصًّا صَرِيحًا فِيهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ النَّهْيُ عَمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنْ هَذَا، وَهُوَ حِينَ «رَأَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - النُّخَامَةَ فِي الْقِبْلَةِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ» وَرُئِيَ مِنْهُ الْكَرَاهِيَةُ لِذَلِكَ وَوَقَعَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ فَإِذَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنْ النُّخَامَةِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ فَمَا بَالُك بِالْقَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>