للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُفْعَلُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلَا فِي الْمَوَاضِعِ الْمَشْهُورَةِ إلَّا فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَحْدَهُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَفِعْلُ الْقِيَامِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ بِدْعَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الْبِدْعَةَ لَا تَأْتِي إلَّا بِشَرٍّ، وَالْخَيْرَ كُلَّهُ فِي الِاتِّبَاعِ، وَقَدْ نَصَّ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَنَّ ذَلِكَ يُمْنَعُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ إنْ فُعِلَ فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ قِيَامَ السُّنَّةِ فِي الْبُيُوتِ فِيمَا عَدَا رَمَضَانَ مُخَالِفٌ لِقِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كَوْنِهِ يُفْعَلُ بَعْدَ النَّوْمِ فِي الْغَالِبِ، وَقَدْ يُفْعَلُ قَبْلَهُ، وَيَكْفِي.

وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُهُ قَبْلَ النَّوْمِ، وَبَعْدَهُ، وَالْغَالِبُ أَنَّ فِعْلَهُ بَعْدَ النَّوْمِ أَكْثَرُ، وَلَا يَجْمَعُونَ لَهُ، وَلَا يُشْهِرُونَهُ بِخِلَافِ قِيَامِ رَمَضَانَ فِي الْمَسَاجِدِ فَإِنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا قَبْلَ النَّوْمِ، وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ يَعْنِي مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَقَامَ آخِرَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّنْ قَامَ أَوَّلَهُ فَقَطْ، وَأَمَّا قِيَامُ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَذَلِكَ أَفْضَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا فَرَغُوا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَسْتَعْجِلُونَ الْخَدَمَ بِالطَّعَامِ مَخَافَةَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ قَامَ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّهُ حَازَ فَضْلَ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يَقُومَ اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَلَا شَكَّ فِي فَضِيلَتِهِ، أَوْ يَقُومَ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ يَقُومَ آخِرَهُ دُونَ أَوَّلِهِ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْأَفْضَلِيَّةِ بِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ، وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ أَوَّلَهُ دُونَ آخِرِهِ، وَهُوَ الْمَفْضُولُ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى وِرْدِ الصَّوْمِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَلَّلَ بِأَنَّهُ مَشْغُولٌ عَنْهُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ، إذْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ لَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ مَشَقَّةٍ فِي الْغَالِبِ سِيَّمَا عَلَى مَا كَانَ يَصُومُهَا مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَإِنَّهُ كَانَ يُفْطِرُ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَيَصُومُ عَاشِرَهَا، وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنْ وَجَدَ النَّشَاطَ، وَالْقُوَّةَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَادَرَ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ وُقُوعِ الْخَلَلِ فِيمَا هُوَ بِسَبِيلِهِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>