للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَمَّامِ فِي الْغَالِبِ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي عَلَى بَابِهِ، وَاَلَّتِي فِي جُدْرَانِهِ، وَأَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّغْيِيرِ إزَالَةُ رُءُوسِهَا فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَالْأَخْذُ عَلَى يَدِ فَاعِلِهِ فَكَيْفَ يَدْخُلُهُ الْعَالِمُ أَوْ الْمُتَعَلِّمُ، وَيَسْكُتَانِ؟ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ، وَهِيَ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَجَازَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ دُخُولَ الْحَمَّامِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ، وَهِيَ:

أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا لِلتَّدَاوِي.

الثَّانِي: أَنْ يَتَعَمَّدَ أَوْقَاتَ الْخَلْوَةِ، وَقِلَّةِ النَّاسِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِإِزَارٍ صَفِيقٍ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَطْرَحَ بَصَرَهُ إلَى الْأَرْضِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْحَائِطَ لِئَلَّا يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَحْظُورٍ.

الْخَامِسُ: أَنْ يُغَيِّرَ مَا رَأَى مِنْ مُنْكَرٍ بِرِفْقٍ بِأَنْ يَقُولَ: اسْتَتِرْ سَتَرَك اللَّهُ.

السَّادِسُ: إنْ دَلَّكَهُ أَحَدٌ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ عَوْرَتِهِ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ إلَّا امْرَأَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ.

السَّابِعُ: أَنْ يَدْخُلَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ.

الثَّامِنُ: أَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ.

التَّاسِعُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دُخُولِهِ وَحْدَهُ اتَّفَقَ مَعَ قَوْمٍ يَحْفَظُونَ دِينَهُمْ عَلَى كَرَاهَةٍ فِي ذَلِكَ لِمَا يُخْشَى.

الْعَاشِرُ: أَنْ يَتَذَكَّرَ بِهِ عَذَابَ جَهَنَّمَ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ مَهْمَا اسْتَطَاعَ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ بِالْفِعْلِ كَانَ أَوْلَى؛ إذْ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الثُّبُوتِ فِي نَفْسِ الْمُتَعَلِّمِ، وَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ هُوَ وَزَوْجَتُهُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، حَتَّى إنَّهَا لَتَقُولُ دَعْ لِي دَعْ لِي» فَكُلُّ شَيْءٍ يُمْكِنُ تَعَلُّمُهُ بِالْفِعْلِ لِلْمُتَعَلِّمِ، كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْقَوْلِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ أَثْبَتُ فِي النُّفُوسِ.

، وَيَنْبَغِي لَهُ أَوْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ، إذْ أَنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى سَائِرِ مَا يَعْتَوِرُهُمْ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ فِي الْغَالِبِ يَتَعَلَّمْنَ مِنْهُنَّ الْأَحْكَامَ فِيمَا يَقَعُ لَهُنَّ، فَإِذَا كُنَّ جَاهِلَاتٍ بِمَا يُسْأَلْنَ عَنْهُ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ كَتْمِ الْعِلْمِ. ثُمَّ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ فَهُوَ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُقْبِلًا عَلَى الْعِلْمِ لَا يَسَعُهُ غَيْرُهُ فَيَا حَبَّذَا فَيَشْتَغِلُ بِمَا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَلَا يَعْرُجُ عَلَى غَيْرِهِ. كَمَا حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَمَّا أَنْ دَخَلَ مِصْرَ، وَتَأَهَّلَ بِهَا، وَقَعَدَ مَعَ زَوْجَتِهِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرَادَ أَهْلُهَا أَنْ يُزَوِّجُوهَا فَقَالَتْ لَهُمْ: إذَا عَزَمْتُمْ فَزَوِّجُونِي عَلَى أَنِّي بِكْرٌ فَقَالُوا لَهَا: كَيْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>