للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ أَنَّهُ مُؤْذٍ، «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلَّذِي تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ» هَذَا وَجْهٌ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَكُونُ قَدَمُهُ فِي حُجْزَتِهِ، فَإِذَا تَحَرَّكَ تَحَرَّكَ الْقَدَمُ بِحَرَكَتِهِ وَيَنْحَكُّ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ الْغَالِبُ وَقَعَتْ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي النَّاسُ عَلَيْهَا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ بِذَلِكَ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ مَوْضِعَ سَرِيرِ الْمَيِّتِ يَمْسِكُ مَوَاضِعَ لِلْمُصَلِّينَ ذَلِكَ غَصْبٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَوَاضِعَ وَقْفٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِهِ كُلِّيَّةً إلَّا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ سِيَّمَا إذَا كَانَتْ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ، فَيَتَأَكَّدُ تَعْيِينُ الْغَصْبِ فِي ذَلِكَ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى بَعْضِ الْمَوْتَى أَنْ يَبْقَى فِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْفَضَلَاتِ، وَالْمَيِّتُ لَا يَمْسِكُ ذَلِكَ وَقَدْ تَخْرُجُ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّجَاسَةُ فِي الْمَسْجِدِ مَمْنُوعَةٌ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: رَفْعُ صَوْتِ الْحَامِلِينَ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْهُمْ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَبَعْدَهَا حِينَ خُرُوجِهِمْ مِمَّا لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ فَيَنْتَهِكُونَ بِذَلِكَ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرٌ مُتَعَدِّدٌ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ لَا تَأْتِي بِخَيْرٍ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الِاتِّبَاعِ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الدَّقِيقِ وَالْجَلِيلِ.

وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْجَنَائِزِ يُؤَذَّنُ بِهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَكَرِهَ أَنْ يُصَاحَ خَلْفَهُ بِاسْتَغْفِرُوا لَهُ يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ وَأَفْتَوْا فِي ذَلِكَ بِالْكَرَاهَةِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْجِنَازَةِ يُؤَذَّنُ بِهَا فِي الْمَسْجِد بِصِيَاحٍ قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَكَرِهَهُ وَقَالَ: لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُدَارَ فِي الْحِلَقِ وَيُؤَذِّنُ النَّاسَ بِهَا وَلَا يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ: أَمَّا النِّدَاءُ بِالْجَنَائِزِ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ، فَلَا يَنْبَغِي وَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ لِكَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ كُرِهَ ذَلِكَ حَتَّى فِي الْعِلْمِ.

وَأَمَّا النِّدَاءُ بِهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَرَآهُ مِنْ النَّعْيِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ فَإِنَّ النَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ» ، وَالنَّعْيُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُنَادَى فِي النَّاسِ أَلَا إنَّ فُلَانًا قَدْ مَاتَ فَاشْهَدُوا جِنَازَتَهُ، وَأَمَّا الْإِيذَانُ بِهَا وَالْإِعْلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>