للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ فَالثَّوَابُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاتِّبَاعِ لَا بِالِابْتِدَاعِ وَإِنْ كَانَ لِأَخْذِ الْجَامِكِيَّةِ فَالْجَامِكِيَّةُ لَا تُصْرَفُ فِي بِدْعَةٍ كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ مَا خَالَفَ الشَّرْعَ فَمَفَاسِدُهُ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْغَالِبِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.

[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ بِالْأَلْحَانِ]

ِ وَلْيَحْذَرْ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤَذِّنَ بِالْأَلْحَانِ وَيَنْهَى غَيْرَهُ عَمَّا أَحْدَثُوا فِيهِ مِمَّا يُشْبِهُ الْغِنَاءَ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي جَمَاعَةٍ يَطْرَبُونَ تَطْرِيبًا يُشْبِهُ الْغِنَاءَ حَتَّى لَا يُعْلَمُ مَا يَقُولُونَهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ إلَّا أَصْوَاتٌ تَرْتَفِعُ وَتَنْخَفِضُ وَهِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَهْجَنَةٌ قَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْحُدُوثِ أَحْدَثَهَا بَعْضُ الْأُمَرَاءِ بِمَدْرَسَةٍ بَنَاهَا ثُمَّ سَرَى ذَلِكَ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَهَذَا الْأَذَانُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي الشَّامِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَهِيَ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ إذْ إنَّ الْأَذَانَ إنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ النِّدَاءُ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَفْهِيمِ أَلْفَاظِهِ لِلسَّامِعِ وَهَذَا الْأَذَانُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا دَخَلَ أَلْفَاظَهُ مِنْ شِبْهِ الْهُنُوكِ وَالتَّغَنِّي. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنٌ يُطْرِبُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الْأَذَانَ سَهْلٌ سَمْحٌ، فَإِنْ كَانَ أَذَانُكَ سَهْلًا سَمْحًا وَإِلَّا فَلَا تُؤَذِّنْ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ وَمِمَّا أَحْدَثُوهُ التَّلْحِينُ فِي الْأَذَانِ وَهُوَ مِنْ الْبَغْيِ فِيهِ وَالِاعْتِدَاءِ.

قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ لِابْنِ عُمَرَ إنِّي لَأُحِبّكَ فِي اللَّهِ فَقَالَ لَهُ لَكِنِّي أَبْغَضُكَ فِي اللَّهِ فَقَالَ وَلِمَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ لِأَنَّكَ تَبْغِي فِي أَذَانِكَ وَتَأْخُذُ عَلَيْهِ أُجْرَةً.

وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ خَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ وَلَمْ يَحْلُ لِي الْمَقَامُ بِهَا قَدْ ابْتَدَعُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَفِي الْأَذَانِ يَعْنِي الْإِجَارَةَ وَالتَّلْحِينَ انْتَهَى.

وَالْعَجَبُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ حَيْثُ يَرُدُّونَ عَلَى مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>