للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَضَلَاتِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي يَطُوفُونَ بِهِ فِيهِ فَيَذْهَبُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ أُمِرْنَا بِغَسْلِهِ.

الْخَامِسُ: أَنَّ فِيهِ تَشْوِيشًا عَلَى مَنْ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا نَوْعٌ مِمَّا أَحْدَثَ بَعْضُ الشُّرَفَاءِ فِي الْحِجَازِ وَهُوَ أَنَّهُمْ إذَا مَاتَ لَهُمْ مَيِّتٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا فَيَدْخُلُونَ بِهِ الْمَسْجِدَ فَيَطُوفُونَ بِهِ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ سَبْعًا وَذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ وَالْأُمُورِ الْحَادِثَةِ. وَفِيهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ أَجْلِ الطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ وَحُرْمَةِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِهِ وَبُعْدِ الْمَسَافَةِ فِي الدُّخُولِ إلَيْهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ فِي أَذَانِ الشَّابِّ عَلَى الْمَنَارِ]

ِ وَيَنْهَى الْمُؤَذِّنِينَ عَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ أَذَانِ الشَّابِّ عَلَى الْمَنَارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوْصَافِ الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَتْقَاهُمْ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي الشَّابِّ. وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ الَّذِي يَصْعَدُ عَلَى الْمَنَارِ أَنْ يَكُونَ مُتَزَوِّجًا لِأَنَّهُ أَغَضُّ لِطَرْفِهِ وَالْغَالِبُ فِي الشَّابِّ عَدَمُ ذَلِكَ وَالْمَنَارُ لَا يَصْعَدُهُ إلَّا مَأْمُونُ الْغَائِلَةِ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ بِمَدِينَةِ فَاسَ وَكَانَ يَصْحَبُ إمَامَ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ الَّذِي هُنَاكَ وَكَانَ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَدٌ حَسَنُ الصَّوْتِ فَطَلَبَ مِنْ الْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِوَلَدِهِ فِي الصُّعُودِ عَلَى الْمَنَارِ لِيُؤَذِّنَّ فِيهِ فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ وَلِمَ تَمْنَعُهُ قَالَ إنَّ الْمَنَارَ لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا إلَّا مَنْ شَابَ ذِرَاعَاهُ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الطَّعْنِ فِي السِّنِّ فَرَغَّبَهُ فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ مِنْهُ، وَقَالَ أَتُرِيدُ أَنْ تُحْدِثَ الْفِتْنَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ تَرَاهُ امْرَأَةٌ فَتَشْغَفُ بِهِ وَكَذَلِكَ هُوَ أَيْضًا قَدْ يَرَى مَا لَا يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَنْهُ فَتَقَعُ الْفِتَنُ أَقَلُّ مَا فِيهِ شَغْلُ الْقُلُوبِ بِشَيْءٍ كَانُوا عَنْهُ فِي غِنًى. فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ كَيْفَ كَانَ تَحَرُّزُهُمْ فِي هَذَا الْعَهْدِ الْقَرِيبِ وَكَيْفَ هُوَ الْحَالُ الْيَوْمَ. هَذَا وَهُمْ يُؤَذِّنُونَ الْأَذَانَ الشَّرْعِيَّ مِنْ غَيْرِ تَمْطِيطٍ وَلَا تَمْيِيلٍ وَلَا تَصَنُّعٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَحْدَثُوهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَيَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>