للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي كَفَرُوا بِهَا بِسَبَبِ مَا تَرَبَّوْا عَلَيْهِ وَنَشَئُوا فِيهِ. فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ هَذَا السُّمِّ فَإِنَّهُ قَاتِلٌ وَمِلْ مَعَ الْحَقِّ حَيْثُ كَانَ وَكُنْ مُتَيَقِّظًا لِخَلَاصِ مُهْجَتِكَ بِالِاتِّبَاعِ وَتَرْكِ الِابْتِدَاعِ وَاقْبَلْ نَصِيحَةَ أَخٍ مُشْفِقٍ، فَإِنَّ الِاتِّبَاعَ أَفْضَلُ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الْمَرْءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَاَللَّهُ يُوَفِّقُنَا وَإِيَّاكَ لِمَا يَرْضَاهُ بِمَنِّهِ فَإِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَيْهِ.

سُؤَالٌ وَارِدٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ التَّسْحِيرَ مِنْ الْبِدَعِ الْمُسْتَحَبَّاتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْبِدَعَ قَدْ قَسَّمَهَا الْعُلَمَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ:

بِدْعَةٌ وَاجِبَةٌ وَهِيَ مِثْلُ كَتْبِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى لِأَنَّ الْعِلْمَ كَانَ فِي صُدُورِهِمْ وَكَشَكْلِ الْمُصْحَفِ وَنَقْطِهِ.

الْبِدْعَةُ الثَّانِيَةُ: بِدْعَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ قَالُوا: مِثْلُ بِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَتَنْظِيفِ الطُّرُقِ لِسُلُوكِهَا وَتَهْيِئِ الْجُسُورِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

الْبِدْعَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ الْمُبَاحَةُ كَالْمُنْخُلِ وَالْأُشْنَانِ وَمَا شَاكَلَهُمَا.

الْبِدْعَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ الْمَكْرُوهَةُ مِثْلُ الْأَكْلُ عَلَى الْخُوَانِ وَمَا أَشْبَهَ.

الْبِدْعَةُ الْخَامِسَةُ: وَهِيَ الْمُحَرَّمَةُ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تَنْحَصِرَ. مِنْهَا مَا أَحْدَثَهُ النِّسَاءُ اللَّاتِي وَصَفَهُنَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ «نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ عَلَى رُءُوسِهِنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا» وَمِمَّا يَقْرَبُ مِنْهُ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ طَرِيقًا وَمِنْهَا اتِّخَاذُهَا لِلدُّيُونِ وَكُلّ ذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَسْأَلَةُ التَّسْحِيرِ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى فِعْلِهَا إذْ إنَّ صَاحِبَ الشَّرِيعَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ قَدْ شَرَعَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ لِلصُّبْحِ دَالًّا عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالثَّانِي دَالًا عَلَى تَحْرِيمِهِمَا فَلَمْ يَبْقَ أَنْ يَكُونَ مَا يُعْمَلُ زِيَادَةً عَلَيْهِمَا إلَّا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنِينَ إذَا أَذَّنُوا مَرَّتَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ انْضَبَطَتْ الْأَوْقَاتُ وَعُلِمَتْ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْهَى النَّاسُ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ تَعْلِيقِ الْفَوَانِيسِ الَّتِي جَعَلُوهَا عَلَمًا عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِمَا مَا دَامَتْ مُعَلَّقَةً مَوْقُودَةً وَعَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ إذَا أَنْزَلُوهَا، وَذَلِكَ يُمْنَعُ فِعْلُهُ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>