للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوْتُ الْمُفْزِعُ.

وَالطَّيَرَانُ هُوَ إغَاثَةُ الْمُسْتَغِيثِ بِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي الْفِعْلِ الْمُسْرِعِ، وَالشَّعَفُ رُءُوسُ الْجِبَالِ.

وَفِيهِ حَضٌّ عَلَى الِانْزِوَاءِ عَنْ النَّاسِ، وَالِاعْتِزَالِ؛ لِمَا فِي الْمُخَالَطَةِ مِنْ آفَاتِ الْقِيلِ، وَالْقَالِ، وَهَذَا الِانْزِوَاءُ، وَالِاعْتِزَالُ إنَّمَا يُحْمَدُ إذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ فَرْضُ الْجِهَادِ، وَالْقِتَالِ أَوْ فَرْضٌ مِنْ الْفُرُوضِ عَلَى حَسَبِ الْأَحْوَالِ.

مِنْهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت أَبِي، وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى أَأَنْت سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا قَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَرَجَعَ إلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلَامَ ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، وَأَلْقَاهُ ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إلَى الْعَدُوِّ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْنِي أَنَّ الْجِهَادَ، وَحُضُورَ الْمَعَارِكِ سَبَبٌ لِدُخُولِهَا، وَمُقَرِّبٌ إلَيْهَا، وَيَظْهَرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مَكَانَ الْمَعْرَكَةِ، وَجِلَادَ الْكُفَّارِ مِنْهُ تُنْقَلُ رُوحُ الشَّهِيدِ حِينَ الشَّهَادَةِ، وَتُدْخَلُ الْجَنَّةَ كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ، وَصَحِيحِ الْأَخْبَارِ.

وَمِنْ صَحِيحِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ عَمِّي الَّذِي سُمِّيتُ بِهِ لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدْرًا قَالَ فَشَقَّ عَلَيْهِ قَالَ: أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُيِّبْت عَنْهُ، وَلَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ مَشْهَدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ قَالَ فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا قَالَ فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحُدًا قَالَ، وَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ يَا أَبَا عَمْرٍو أَيْنَ؟ قَالَ، وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ قَالَ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ قَالَ فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ، وَثَمَانُونَ مَا بَيْنَ ضَرْبَةٍ، وَطَعْنَةٍ، وَرَمْيَةٍ قَالَ: وَقَالَتْ أُخْتُهُ عَمَّتِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ فَمَا عَرَفْت أَخِي إلَّا بِبَنَانِهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} [الأحزاب: ٢٣] قَالَ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، وَفِي أَصْحَابِهِ.

قَوْلُهُ، وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ كَلِمَةُ تَلَهُّفٍ، وَحُنَيْنٍ، وَشَوْقٍ إلَى الْجَنَّةِ، وَتَمَنٍّ لَا جَرَمَ لَمَّا صَدَقَ أُعْطِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>