للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَبُهُ، وَتَخَافَ إطْفَاءَ نُورِ الْقَلْبِ مِنْ أَجْلِهِ، وَكُنْ فِي تَأْلِيفِ مَا بَيْنَك، وَبَيْنَ اللَّهِ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ، وَاقْطَعْ أَسْبَابَ الطَّمَعِ فَيَسْتَرِيحَ قَلْبُكَ، وَيَصِيرَ إلَى عِزِّ الْإِيَاسِ، وَإِمَاتَةِ الطَّمَعِ فَيُسَدُّ عَلَيْك سَبِيلَ الْفَقْرِ، وَيَسْكُنُ قَلْبُكَ عَنْ الْعَنَاءِ، وَيَسْقُطُ عَنْك بِذَلِكَ الشُّغْلُ بِالْمَخْلُوقِينَ، وَاسْتَجْلِبْ حَلَاوَةَ الزَّهَادَةِ بِقَصْرِ الْأَمَلِ، وَقَطْعِهِ، وَاطْلُبْ رَاحَةَ الْبَدَنِ بِإِجْمَاعِ الْقَلْبِ عَلَى عَدَمِ الشُّغْلِ بِرُؤْيَةِ الْمَخْلُوقِينَ وَتَعَرَّضْ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ بِدَوَامِ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الذِّكْرِ مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ، وَالْمَعْرِفَةِ، وَحُسْنِ الْأَدَبِ التَّارِكِينَ لِفُضُولِ الْكَلَامِ فَإِنَّ بِمُجَالَسَةِ هَؤُلَاءِ يَصْفُو الْقَلْبُ، وَيَرِقُّ، وَيَقْدَحُ فِيهِ النُّورُ، وَتَجْرِي فِيهِ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ، وَافْتَحْ بَابَ دَوَاعِي الْحُزْنِ إلَى قَلْبِكَ، وَاسْتَفْتِحْ بَابَهُ بِطُولِ الْفِكْرِ، وَاسْتَجْلِبْ الْفِكْرَ بِالتَّوَحُّشِ مِنْ النَّاسِ فَإِنَّ أَبْوَابَهَا فِي مَوَاطِنِ الْخَلَوَاتِ، وَتَحَرَّزْ مِنْ إبْلِيسَ بِالْخَوْفِ الصَّادِقِ، وَاسْتَعِنْ عَلَى ذَلِكَ بِمُخَالَفَةِ هَوَاك، وَإِيَّاكَ، وَالرَّجَاءَ الْكَاذِبَ فَإِنَّ التَّوَسُّعَ فِيهِ يُنْزِلُك بِمَحَلَّةِ الْمُصِرِّينَ مِنْ أَهْلِ الْمَكْرِ، وَالِاسْتِدْرَاجِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلرَّجَاءِ طُرُقًا تُؤَدِّي إلَى الْأَمْنِ، وَالْغَفْلَةِ فَإِيَّاكَ أَنْ تَتَّخِذَهُ مَطِيَّةً لِسَفَرِك، وَتَخَلَّصْ يَا أَخِي إلَى عَظِيمِ الشُّكْرِ بِاسْتِكْثَارِ قَلِيلِ الرِّزْقِ مَعَ كَثِيرِ الرِّضَا بِذَلِكَ، وَاسْتَقْلِلْ كَثِيرَ الطَّاعَةِ، وَاسْتَجْلِبْ النِّعَمَ بِعَظِيمِ الشُّكْرِ، وَاسْتَدْمِ عَظِيمَ الشُّكْرِ بِخَوْفِ زَوَالِ النِّعَمِ، وَاطْلُبْ لِنَفْسِك الْعِزَّ بِإِمَاتَةِ الطَّمَعِ، وَادْفَعْ ذُلَّ الطَّمَعِ بِعِزِّ الْإِيَاسِ، وَاسْتَجْلِبْ عِزَّ الْإِيَاسِ بِبُعْدِ الْهِمَّةِ، وَاسْتَعِنْ عَلَى بُعْدِ الْهِمَّةِ بِقَصْرِ الْأَمَلِ، وَبَادِرْهُ بِانْتِهَازِ النِّعْمَةِ عِنْدَ إمْكَانِ الْفُرْصَةِ خَوْفَ فَوَاتِ الْإِمْكَانِ، وَلَا إمْكَانَ كَالْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ مَعَ صِحَّةِ الْأَبْدَانِ، وَاحْذَرْ التَّسْوِيفَ فَإِنَّ دُونَهُ مَا يَقْطَعُ بِك عَنْ بُغْيَتِك، وَإِيَّاكَ يَا أَخِي، وَالتَّفْرِيطَ عِنْدَ إمْكَانِ الْفُرْصَةِ فَإِنَّهُ مَيْدَانٌ يَجْرِي بِأَهْلِهِ بِالْخُسْرَانِ، وَإِيَّاكَ، وَالثِّقَةَ بِغَيْرِ الْمَأْمُونِ فَإِنَّ لِلشَّرِّ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الذِّئَابِ، وَلَا سَلَامَةَ كَسَلَامَةِ الْقَلْبِ، وَلَا عَمَلَ كَمُخَالَفَةِ الْهَوَى، وَلَا مُصِيبَةَ كَمُصِيبَةِ الْعَقْلِ، وَلَا عَدَمَ كَقِلَّةِ الْيَقِينِ، وَلَا جِهَادَ كَجِهَادِ النَّفْسِ، وَلَا غَلَبَةَ كَغَلَبَةِ الْهَوَى، وَلَا قُوَّةَ كَرَدِّك الْغَضَبَ، وَلَا مَعْصِيَةَ كَحُبِّ النِّفَاقِ وَإِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا مِنْ حُبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>