للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي السُّجُودِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالدُّعَاءُ لَهُ أَرْكَانٌ، وَأَجْنِحَةٌ، وَأَسْبَابٌ، وَأَوْقَاتٌ فَإِنْ صَادَفَ أَرْكَانَهُ قَوِيَ، وَإِنْ صَادَفَ أَجْنِحَتَهُ طَارَ فِي السَّمَاءِ، وَإِنْ صَادَفَ أَسْبَابَهُ نَجَحَ، وَإِنْ صَادَفَ أَوْقَاتَهُ فَازَ فَمِنْ أَرْكَانِهِ الِاضْطِرَارُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَجْنِحَتُهُ قُوَّةُ الصِّدْقِ مَعَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيمَا يَرْجُوهُ، وَيُؤَمِّلُهُ مِنْهُ وَيَخَافُهُ، وَأَسْبَابُهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَوْقَاتُهُ الْأَسْحَارُ.

وَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ هُوَ عَلَى جَادَّةِ التَّكْلِيفِ، وَأَمَّا مَنْ هُوَ فِي مَقَامِ الرِّضَى أَوْ مَا يُقَارِبُهُ فَقَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ فِي حَقِّهِ ذَنْبًا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ، وَالِاسْتِغْفَارُ مِنْهُ.

كَمَا قَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ تَجَاسَرْت الْبَارِحَةَ، وَسَأَلْت رَبِّي الْمُعَافَاةَ مِنْ النَّارِ، وَكَمَا حَكَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ الْمَقَامَاتِ نِلْت مِنْهَا شَيْئًا إلَّا هَذَا الرِّضَا فَإِنِّي مَا نِلْت مِنْهُ إلَّا مِقْدَارَ سَمِّ الْخِيَاطِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ أَهْلَ جَهَنَّمَ أَجْمَعِينَ، وَأَدْخَلَهُ جَهَنَّمَ، وَمَلَأَهَا بِجَسَدِهِ، وَعَذَّبَهُ بِعَذَابِهِمْ أَجْمَعِينَ لَكَانَ رَاضِيًا بِذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا جَرَى لِلْكَلِيمِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعَ الْعَابِد، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَمْرُ رَاجِعٌ إلَى حَالِ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي أَيِّ وَقْتٍ يَقَعُ لَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ الرِّضَا فِي حَقِّهِ أَوْلَى، وَأَفْضَلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَالِهِ، وَمَا اخْتَصَّ بِهِ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ فِي وَقْتٍ آخَرَ الدُّعَاءُ، وَالتَّمَلُّقُ، وَإِظْهَارُ الْفَاقَةِ، وَالِاضْطِرَارُ، وَالْحَاجَةُ أَوْلَى، وَأَفْضَلَ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَعَنْ السَّلَفِ الْمَاضِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ، ثُمَّ نَرْجِعُ إلَى مَا كُنَّا بِسَبِيلِهِ مِنْ أَقْسَامِ الزَّائِرِ وَالْمَزُورِ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الِاشْتِرَاكُ فِي الرَّضَاعَةِ فِي مَجَالِسِ الْعِلْمِ، وَمَجَالِسِ الشُّيُوخِ فَمَنْ جَاءَهُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فَهُوَ مِنْ الْخَاصَّةِ بِهِ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ أَرْضًا فَلْيَفْعَلْ إذْ إنَّ احْتِرَامَهُمْ احْتِرَامٌ لِشَيْخِهِ الَّذِي أَخَذَ عَنْهُ. وَآدَابُ الْمُرِيدِ مَعَ شَيْخِهِ لَا تَنْحَصِرُ، وَلَا تَرْجِعُ إلَى قَانُونٍ، وَلَا يَقْدِرُ الْمُرِيدُ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ فِي الْغَالِبِ إذْ إنَّ حَقِيقَةَ أَمْرِ الشَّيْخِ أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي بِحَارِ الذُّنُوبِ، وَالْغَفَلَاتِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَهُوَ أَمْرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>