للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِئَلَّا يَتَسَارَعَ إلَيْهِ الْهَوَامُّ وَالتَّغْيِيرُ وَيُسَجَّى بِثَوْبٍ. ثُمَّ يَأْخُذُ فِي تَجْهِيزِهِ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ إكْرَامِ الْمَيِّتِ الِاسْتِعْجَالَ بِدَفْنِهِ وَمُوَارَاتِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ فَجْأَةً، أَوْ بِصَعْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ سَبْتَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يُسْتَعْجَلْ عَلَيْهِ وَيُمْهَلْ حَتَّى يُتَحَقَّقَ مَوْتُهُ، وَلَوْ أَتَى عَلَيْهِ الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَغْيِيرُهُ فَيَحْصُلُ التَّيَقُّنُ بِمَوْتِهِ؛ لِئَلَّا يُدْفَنَ حَيًّا فَيُحْتَاطَ لَهُ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِكَثِيرٍ فَيُتَحَفَّظُ مِنْ هَذَا.

وَإِذَا فَعَلَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ تَلْيِينِ مَفَاصِلِهِ وَغَيْرِهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِتُؤَدَةٍ وَوَقَارٍ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَيِّتِ كَحُرْمَةِ الْحَيِّ. وَيُسَمِّي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ الْأَخْذِ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا بَعْضُهُمْ، وَهِيَ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا مَاتَ أَوْقَدُوا عِنْدَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَمْعَةً حَتَّى يُصْبِحَ، وَذَلِكَ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الشَّمْعِ أَوْقَدُوا سِرَاجًا عَلَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ وَيُيَسِّرُ قَبْلَ غُسْلِهِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْكَفَنِ، وَالْحُنُوطِ وَيُبَخِّرُ الْكَفَنَ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُ فِي غُسْلِهِ فَيَشُدُّ عَلَى وَسَطِ الْمَيِّتِ مِئْزَرًا غَلِيظًا، ثُمَّ يُعَرِّيهِ مِنْ الْقَمِيصِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُغَسِّلُهُ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنْ يُغْسَلَ فِي قَمِيصٍ وَلَا يُعَرَّى وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «غُسِّلَ فِي قَمِيصِهِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا أَرَادُوا أَنْ يُعَرُّوهُ كَمَا يَفْعَلُونَ بِمَوْتَاهُمْ فَسَمِعُوا الْهَاتِفَ يَقُولُ: غَسِّلُوهُ فِي الْقَمِيصِ» وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى تَعْرِيَةِ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَمِيصِ؛ لِأَنَّهُمْ «أَرَادُوا أَنْ يُغَسِّلُوهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُتَجَرِّدًا مِنْ الْقَمِيصِ كَمَا يَفْعَلُونَ بِمَوْتَاهُمْ حَتَّى سَمِعُوا الْهَاتِفَ فَتَرَكُوهُ» ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دُونَ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ تَعْرِيَةَ الْمَيِّتِ أَبْلَغُ فِي تَنْظِيفِهِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ عَلَى عَوْرَتِهِ خِرْقَةً غَلِيظَةً فَوْقَ الْمِئْزَرِ حَتَّى لَا تُوصَفَ الْعَوْرَةُ.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْضُرَهُ أَحَدٌ إذْ ذَاكَ إلَّا الْغَاسِلُ وَحْدَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يُعِينُهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الضَّرُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>