للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُؤَخِّرُهَا عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ تُجْزِي عِنْدَ بَعْضِهِمْ لَكِنْ فَوَّتَ نَفْسَهُ فَضِيلَةَ امْتِثَالِ السُّنَّةِ فِي الْوَقْتِ الْمَوْضُوعِ لَهَا، مِنْهَا عَدَمُ التَّوْفِيَةِ بِشُرُوطِهَا إذْ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ مِنْ لَحْمِهَا وَجِلْدِهَا لِلصَّانِعِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: فِيمَنْ كَانَ لَهُ ثَوْبٌ لِلْجُمُعَةِ وَلَا فَضْلَ عِنْدَهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ حَتَّى يُضَحِّيَ، فَكَذَلِكَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا: إنَّهُ يَتَدَايَنُ لِلْأُضْحِيَّةِ، فَكَذَلِكَ يَتَدَايَنُ لِلْعَقِيقَةِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَإِذَا اخْتَارُوا لَهُ الِاسْمَ مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ إلَى سَابِعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارُوا لَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ مَا كَانَ سَالِمًا مِنْ التَّزْكِيَةِ وَالْكُنَى الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَلَهُ فِي التَّسْمِيَةِ بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَقْنَعٌ وَبَرَكَةٌ وَخَيْرٌ فَيَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ.

وَقَدْ وَقَعَ لِسَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ بِمَدِينَةِ تُونُسَ أَنَّهُ لَمَّا أَنْ ازْدَادَ لَهُ مَوْلُودٌ طَالَبُوهُ بِبَعْضِ عَوَائِدِهِمْ الْجَارِيَةِ فَأَبِي عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: السُّنَّةُ أَوْلَى قَالَ: وَكُنْت مَرِيضًا لَا أَقْدِرُ عَلَى الْحَرَكَةِ، فَلَمَّا أَنْ عَزَمْت عَلَى الْعَقِيقَةِ وَجَزَمْت بِهَا رَأَيْت فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنِّي مَاشٍ عَلَى طَرِيقٍ وَمَعِي شَخْصٌ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَمْشِي فِي الطَّرِيقِ وَإِذَا بِجِيفَةٍ قَدْ عَرَضَتْ لَنَا فِي وَسَطِهَا، فَقَالَ لِي ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي كَانَ مَعِي: عَسَى أَنَّك تُعِينُنِي عَلَى زَوَالِ هَذِهِ الْجِيفَةِ عَنْ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْبُرُ مِنْ هَاهُنَا السَّاعَةَ قَالَ: فَقُلْت لَهُ: نَعَمْ فَأَزَلْنَا الْجِيفَةَ عَنْ الطَّرِيقِ وَنَظَّفْنَاهُ، وَإِذَا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَقْبَلَ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: وَعَلَيْك السَّلَامُ يَا فَقِيهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَانْتَبَهْت مِنْ نَوْمِي، فَوَجَدْت الْعَافِيَةَ فِي الْوَقْتِ، فَأَصْبَحْت وَخَرَجْت وَاشْتَرَيْت الذَّبِيحَةَ لِلْعَقِيقَةِ بِنَفْسِي، فَلَمَّا أَنْ عَمِلْتهَا جَمَعْت بَعْضَ الْإِخْوَانِ وَحَدَّثْتهمْ بِمَا جَرَى فَاشْتُهِرَ الْأَمْرُ، وَكَانَتْ الْعَقِيقَةُ إذْ ذَاكَ قَدْ دُثِرَتْ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ فَاشْتُهِرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ. وَهَذَا هُوَ نَصُّ الْحَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>