للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ فَعَلَ ذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَفِعْلِ الْمَعْرُوفِ فَإِنْ شَارَكَ غَيْرَهُ جَازَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى دُونِ حَقِّهِ لِيَسْلَمَ مِنْ عِمَارَةِ ذِمَّتِهِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَصِّلَ لِسَفَرِهِ مَرْكُوبًا جَيِّدًا يَأْمَنُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يَنْقَطِعَ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ.

[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى تاجر البز أَنْ يُظْهِرَ لِصَاحِبِ الدَّابَّة مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا]

(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بِكِرَاءٍ أَنْ يُظْهِرَ لِصَاحِبِهَا كُلَّ مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا لَمْ يُظْهِرْهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْخِيَانَةِ، وَالْخِيَانَةُ إذَا وَقَعَتْ فِي شَيْءٍ امْتَحَقَتْ مِنْهُ الْبَرَكَاتُ.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَهُ فَلَا يُحَمِّلُهَا أَكْثَرَ مِمَّا تُطِيقُهُ خِيفَةَ أَنْ يَضُرَّ بِدَابَّتِهِ وَقَدْ يَئُولُ ذَلِكَ إلَى ضَرَرِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَقِفُ مِنْ ثِقَلِ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ مِنْ حُصُولِ الضَّرَرِ لِنَفْسِهِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ إلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ الصَّلَاحِ أَوْ هُمَا مَعًا أَعْنِي الْمُرَافَقَةَ الْخَاصَّةَ الَّتِي تُحْدِثُ الْمَوَدَّةَ وَالْأُلْفَةَ وَالِاسْتِشَارَةَ وَسُكُونَ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ.

وَأَمَّا الْمُرَافَقَةُ فِي نَفْسِ الطَّرِيقِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهَا وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي حَقِّهِ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا مِنْ مُرَافَقَةِ الْعَالِمِ أَوْ الصَّالِحِ؛ لِأَنَّهُمَا يُذَكِّرَانِهِ إذَا نَسِيَ وَيُؤْنِسَانِهِ وَيُعِينَانِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ وَغَيْرِهَا.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» وَقَدْ قِيلَ: الرَّفِيقُ قَبْلَ الطَّرِيقِ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ

عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ... فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِمَنْ مَعَهُ رَأَيْتُكَ شَبَّهْتُك

[فَصْلٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غُدْوَةَ النَّهَارِ]

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ غُدْوَةَ النَّهَارِ.

لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ

[فَصْلٌ إذَا عَزَمَ تاجر البز عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ]

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يُصَلِّيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>