للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّابَّةُ حَتَّى يُتِمَّ صَلَاتَهُ إنْ كَانَ طَرِيقَ سَفَرِهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ.

ثُمَّ مَعَ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي نِيَّتِهِ التَّيْسِيرَ عَلَى إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِقْلِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمَا أَوْ الْأَقَالِيمِ فَيُيَسِّرُ عَلَى هَؤُلَاءِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِمَّا لَيْسَ عِنْدَهُمْ أَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ.

وَكَذَلِكَ عَلَى الْآخَرِينَ، وَيَجْعَلُ طَلَبَ الرِّزْقِ تَبَعًا لِذَلِكَ مَعَ تَوَكُّلِهِ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرِّزْقَ لَا يَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَلَا يُجْلَبُ بِالْحِيَلِ وَلَا بِالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ.

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ حَاضِرَةٌ جَمِيلَةٌ حَتَّى يَكُونَ سَفَرُهُ وَحَرَكَتُهُ وَخُطَاهُ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا فِي غَيْرِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْن أَخِيهِ» ثُمَّ يَصْحَبُ ذَلِكَ نِيَّةُ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فَإِذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى مَا وُصِفَ كَانَ اللَّهُ فِي عَوْنِهِ وَمَنْ كَانَ اللَّهُ فِي عَوْنِهِ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧] لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَكْثَرُهَا مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَإِيقَاعِهَا فِي جَمَاعَةٍ فِي أَوْقَاتِهَا الْمُخْتَارَةِ لَهَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ فِي الْبَلَدِ غَيْرَهُ يَقُومُ عَنْهُ بِذَلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ السَّفَرِ فَعَلَى هَذَا فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِالْأَوْقَاتِ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِصَلَاةِ السَّفَرِ وَمَا يَفْعَلُ فِيهَا وَالْمَسَافَةُ الَّتِي تُقْصَرُ فِيهَا وَالْمَسَافَةُ الَّتِي لَا تُقْصَرُ فِيهَا وَالْحَدُّ الَّذِي يَنْوِي الْإِقَامَةَ فِيهِ وَمَا يَلْزَمُهُ فِيهِ مِنْ قَصْرٍ وَإِتْمَامٍ، وَأَمْرُ الْقَصْرِ وَمَعْرِفَتُهُ وَشُرُوطُهُ وَفَرَائِضُهُ وَسُنَّتُهُ وَفَضَائِلُهُ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ يَجِبُ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ يَحْرُمُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَوْفَى فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْأَذَانَ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَإِمَّا أَنْ يُؤَذِّنَ بِنَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ حَتَّى تَظْهَرَ شَعِيرَةُ الْإِسْلَامِ وَتَبْقَى قَائِمَةً بَيْنَهُمْ وَفِيهِمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَنْ كَانَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى وَرَاءَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ وَإِنْ تَرَكَ الْأَذَانَ وَأَقَامَ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلَكٌ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَنْ يَتْرُكَ كُلَّ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ سَيْرٍ وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>