للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، لذلك كان جهاد النفس مقدماً على جهاد الكفار، وأصلا له لأن المسلم إذا لم يجاهد عدوه الباطن وهو نفسه- لتفعل ما تؤمر له، وتترك ما تنهى عنه- لا يستطيع أن يجاهد عدوه الظاهر، لأن عدوه الباطن الذي بين جنبيه، قاهر له متسلط عليه، لم يجاهده، ولم يحاربه، فالمسلم متى قدر على مجاهدة عدوه الأكبر وهو النفس، قدر على مجاهدة عدوه الأصغر وهو الكفار.١

قال ابن قيم الجوزية: "وجهاد النفس أربع مراتب:

أولاً: أن يجاهدها على تعلم الهدى، ودين الحق، الذي لا فلاح لها، ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.

ثانياً: أن يجاهدها على العمل بما تعلمت، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.

ثالثاً: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه.

رابعاً: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق".٢

وبهذا ينبغي أن نعلم أن النفس الإنسانية الأمارة بالسوء من أخطر الأعداء التي يجب أن يستفرغ ما في الوسع والطاقة في محاربتها، ومجاهدتها، وهذا فرض متعين على كل مسلم يخاف الله، ويرجو رحمته، فلا ينوب في جهادها أحد عن أحد، والمثل الأعلى للنفس المؤمنة المجاهدة في سبيل الله،


١ زاد المعاد ٣/٦.
٢ زاد المعاد ٣/١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>