للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣-ومن أخص المراجع وأهمها كتاب (سيرة ابن هشام) وهو كتاب جليل اعتنى فيه مؤلفه بتنقيح السيرة النبوية وتهذيبها وحذف الفضول منها، وقد اشتهرت سيرة ابن هشام شهرة فائقة حتى كاد ينسى الأصل الذي أخذت منه وهو سيرة ابن إسحاق، والسبب في اشتهارها يعود إلى ما امتازت به من تنقيح وتهذيب، فقد كان ابن هشام في تهذيبه للسيرة محققاً للنصوص ومنتقداً لما وقع لابن إسحاق من هفوات، ومتمماً لما فاته من الروايات ذات الصلة بموضوع السيرة، هذا وقد كانت هذه السيرة أصلاً عظيماً ومرجعاً هاماً في موضوعي لأنها ألصق المراجع بالمادة العلمية المتصلة بموضوع هذه الغزوة حيث استقيت منها جل النصوص التاريخية المتعلقة بأحداث غزوة بني المصطلق، وهذه السيرة مستقاة من سيرة ابن إسحاق الإمام المقدم في السير والمغازي، ومن هنا كانت أهمية هذه السيرة وقوة الاستناد إليها، فابن إسحاق وإن كان صاحب الفضل السابق في هذا العمل الجليل، لكن ابن هشام لا يقل فضله عن فضل ابن إسحاق، في التهذيب والترتيب وحذف ما لا تعلق له بالسيرة النبوية الشريفة وترك ما لا يحسن ذكره مما لصق بالسيرة، وترك أشياء كثيرة كان مصيباً في تركها، مثل حذفه كثيراً من الإسرائيليات وخاصة في قسم المبتدأ من سيرة ابن إسحاق، كما حذف كثيراً من الأشعار المنتحلة١.

فجاءت سيرته على أكمل الوجوه وأحسنها اختصاراً واستيعاباً للأحداث الأساسية الهامة في حياته صلى الله عليه وسلم.

وابن هشام هو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري، كان مشهوراً بحمل العلم متقدماً في علم النسب والنحو واللغة، ذكر الذهبي وابن كثير أنه حين جاء إلى مصر اجتمع به الشافعي وتناشدا من أشعار العرب أشياء كثيرة، وقال عن الشافعي: "إنه حجة في العربية، ورغم تصنيفه كتاباً في أنساب حمير وملوكها يقال له (التيجان لمعرفة ملوك الزمان) وكتاباً شرح فيه ما وقع في أشعار السير من الغريب"٢، فإنه لا يكاد يذكر إلا مقروناً بسيرته التي طبقت


١ مقدمة السيرة لصاحبها ابن هشام ١/٤.
٢ البداية والنهاية لابن كثير ١٠/٢٨١-٢٨٢، ومقدمة سيرة ابن هشام ١/١٨.

<<  <   >  >>