للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملاَّحة١، لا يراها أحد إلاَّ أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، قالت عائشة: فوالله ما هو إلاَّ أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها صلى الله عليه وسلم ما رأيت، فدخلت عليه فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، سيد قومه، وقد أصابني من البلاء، ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينُك على كتابتي، قال: "فهل لك في خير من ذلك؟ ".

قالت: وما هو يا رسول الله؟.

قال: "أقضي عنك كتابتك وأتزوجك"، قالت: نعم يا رسول الله، قد فعلت، قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد


١ ملاحة: بضم الميم وتشديد اللام أي شديدة الملاحة، وهو من أبنية المبالغة، انظر غريب الحديث لابن الأثير ٤/٣٥٥. وكنّت به عائشة عن جمالها، وكانت جويرية قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت مسافع بن صفوان المصطلق ذي الشفر بن سرح بن مالك ابن جذيمة، فقتل يوم المريسيع. انظر طبقات ابن سعد ٨/١١٦، وأسد الغابة لابن الأثير ٧/٥٦، والإصابة لابن حجر ٤/٢٦٥. وعند ابن إسجاق كانت تحت ابن عم لها يقال له: ابن ذي الشفر انظر سيرة ابن إسحاق المسماة المبتدأ والمبعث والمغازي ١/٢٤٥، والإصابة لابن حجر ٤/٢٦٦.
وكانت وفاتها سنة ٥٦ المصادر السابقة. وهي التي روت حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: "ما زلت على الحال التي فارقتك عليها" قالت: نعم، يا رسول صلى الله عليه وسلم: "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم، لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلمات" انظر صحيح مسلم ٨/٨٣، كتاب الذكر والدعاء وهو من رواية عبد الله بن عباس عنها. قال الذهبي في تجريد أسماء الصحابة ٢/٢٧١ جويرية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلت" ...الخ.
قال ابن حبان في الأنواع: "هي ابنة الحارث بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال، وإنما هي أم المؤمنين وقد رواه ابن عباس عنها". انظر الإصابة لابن حجر ٤/٢٦٧-٢٦٨ قلت: "وقد وقع في الخطأ أيضاً الدكتور وهبة الزحيلي، فقد قال بأنها: جويرية بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين، تزوجها قبله مسافع بن صفوان، وقتل يوم المريسيع وكان أبوها سيد قومه في الجاهلية". انظر آثار الحرب في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة، حاشية ص ٤٤٦.

<<  <   >  >>