للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: موقف علي بن أبي طالب]

ورد في حديث الإفك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب في فراق أهله، فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود، فقال: "يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا"، وأما علي بن أبي طالب فقال: "لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك"١.

وعند ابن إسحاق: فأما أسامة فأثنى علي خيرا، وقاله: ثم قال: "يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلا خيرا، وهذا الكذب والباطل"، وأما علي فإنه قال: "يا رسول الله إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية، فإنها ستصدقك"، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ليسألها، قالت: فقام إليها علي بن أبي طالب فضربها ضربا شديدا، ويقول: "اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم"٢.

وبهذا وجدت عائشة رضي الله عنها على علي رضي الله عنه ووصفته بأنه كان مسيئا في حقها - حيث إنه لم يقل كما قال أسامة بن زيد، روى البخاري: حدثني عبد الله٣ بن محمد قال: أملى علي هشام٤ ابن يوسف من حفظه قال: "أخبرني معمر عن الزهري قال: قال لي الوليد٥ بن عبد الملك: "أبلغك أن عليا كان في من قذف عائشة؟ " قلت: لا - ولكن قد أخبرني رجلان من قومك


١ صحيح مسلم ٨/ ١١٥، كتاب التوبة، والبخاري ٣/ ١٥١، كتاب الشهادات، باب تعديل النساء بعضهن بعضا.
٢ سيرة ابن هشام ٢/ ٣٠١.
٣ عبد الله بن محمد بن جعفر الجعفي، أبو جعفر البخاري، المعروف بالمسندي، ثقة حافظ، جمع المسند، من العاشرة (ت٢٢٩) /خ ت. التقريب ١/ ٤٤٧.
٤ هشام بن يوسف الصنعاني، أبو عبد الرحمن القاضي، ثقة من التاسعة (ت١٩٧) /خ عم. المصدر السابق ٢/ ٣٢٠.
٥ الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، المعروف بالوليد الأول، الخليفة الأموي (ت٩٦?) وتقدمت ترجمة بقية رجال الإسناد.

<<  <   >  >>