للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُخَارِيُّ، وَأَمَّا مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ فَوَثَّقَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ وَثَّقَهُ، وَالْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبِي حَاتِمٍ: لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهَا ابْنُ الْقَطَّانِ، وَلَا غَيْرُهُ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا١ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا عَامِرٍ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِنَحْوِهِ سَوَاءٌ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مَسَانِيدِهِمْ" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأخنس عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ، سَوَاءٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ"٢، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، وعثمان بن محمد الأخنس وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ فِي الْبَابِ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" ٣ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ، هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا، إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ، كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى، وَصَحَّحَهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهَةِ النِّكَاحِ الْمَشْرُوطِ بِهِ التَّحْلِيلُ، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَلَكِنْ يُقَالُ: لَمَّا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ، لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْحِلِّ، فَلَوْ كَانَ فَاسِدًا لَمَا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا، ثُمَّ أَعَادَهُ الْمُصَنِّفُ مُسْتَدِلًّا بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ، يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ كَمَا يَهْدِمُ الثَّلَاثَ، وَفِيهِ أَثَرٌ جَيِّدٌ، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، إذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَدَخَلَ بِهَا، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا، ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَأَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى كَمْ هِيَ عِنْدَهُ، فَالْتَفَتَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا؟ قَالَ: يَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي الْوَاحِدَةَ، وَالثِّنْتَيْنِ، وَالثَّلَاثَ، وَاسْأَلْ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: مِثْلَ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، انْتَهَى.


١ عند ابن ماجه: ص ١٤٠.
٢ عند البيهقي في "السنن - باب ما جاء في نكاح المحلل" ص ٢٠٨ - ج ٧.
٣ في "المستدرك - باب لعن الله المحلل والمحلل له" ص ١٩٩ - ج ٢، وقال الحاكم: هذا حديث على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>