للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْت: أَمَّا الِاكْتِحَالُ، فَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ" ١ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا: أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَخَافُوا عَلَى عَيْنَيْهَا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا، حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أشهر وعشراً"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمْ: قال: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَنَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ عليه السلام: "لَا"، مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا هي أربعة أشهر وعشراً"، انْتَهَى. وَلَمْ يُرِدْ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالْمُعْتَدَّةِ غَيْرَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَلَكِنَّهُ قَصَدَ التَّعْمِيمَ، وأما الدهن فغريب٢.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "السِّرُّ النِّكَاحُ قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} لَا يَأْخُذْ عَلَيْهَا عَهْدًا وَمِيثَاقًا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ، وَنَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قَالَ: يَقُولُ: إنَّك مِنْ حَاجَتِي، انْتَهَى. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: السِّرُّ ٣ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا عَهْدًا وَمِيثَاقًا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا، وَلَا تَنْكِحَ غَيْرَهُ. حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّعْرِيضُ أَنْ يَقُولَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: إنِّي فيك راغب، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ نَجْتَمِعَ، قُلْت: خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ٤ فِي "النِّكَاحِ" وَلَفْظُهُ: وَقَالَ لِي طَلْقٌ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عباس: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ} يَقُولُ: إنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ، وَقَالَ الْقَاسِمُ: يَقُولُ: إنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إلَيْكِ خَيْرًا، أَوْ نَحْوَ هَذَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ،


١ عند البخاري "باب الكحل للحادة" ص ٨٠٤ - ج ٢، وعند مسلم "باب وجوب الحداد" ص ٤٨٧ - ج ١.
٢ قوله: "وأما الدهن فغريب" لعل المخرج رحمه الله تعالى، فهم أن الدهن مذكور في الحديث، فإن عبارة "الهداية" هكذا: وقد صح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأذن للمعتدة في الاكتحال، والدهن لا يعرى عن نوع طيب، انتهى. [والدهن لا يعرى عن نوع طيب] من كلام المصنف، ليس من الحديث، والله أعلم.
٣ قال الحافظ في "الدراية": قلت: وقال البخاري: قال الحسن: "سر الزنا" ووصله، انتهى.
٤ عند البخاري "باب قول الله عز وجل: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ} " ص ٧٦٨ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>