للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ خَبَرُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، رَجُلًا مَجْهُولًا لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَفِي خَبَرِ عُرْوَةَ أَنَّ الْحَيَّ حَدَّثُوهُ، وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ مِنْ الرِّوَايَةِ، لَمْ تَقُمْ بِهِ الْحُجَّةُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَأَمَّا تَخْرِيجُ الْبُخَارِيِّ لَهُ فِي صَحِيحِهِ فِي صَدْرِ حَدِيثِ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخير فيحتمل أنه سمع مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَلَى التَّمَامِ، فَحَدَّثَ بِهِ كَمَا سَمِعَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ إنْكَارَ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، سَمَاعَهُ مِنْ عُرْوَةَ حَدِيثَ شِرَاءِ الشَّاةِ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ الْحَيِّ عَنْ عُرْوَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ عَنْ عُرْوَةَ إلَّا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ"، وَيُشْبِهُ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الشِّرَاءِ، لَوْ كَانَ عَلَى شَرْطِهِ لَأَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَكِتَابِ الْوَكَالَةِ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى أَحْكَامٍ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْأَبْوَابِ الَّتِي تَصْلُحُ لَهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ حَدِيثَ الْخَيْلِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وأنس بن مالك، وأبو هُرَيْرَةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ حَدِيثُ الْخَيْلِ فَقَطْ، إذْ هُوَ عَلَى شَرْطِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ عُرْوَةَ، مُقْتَصِرًا عَلَى ذِكْرِ الْخَيْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ الشَّاةِ، وَحَدِيثُ الشَّاةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ عُرْوَةَ طَرِيقٌ حَسَنَةٌ، انْتَهَى. قُلْت: لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ١ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا سُفْيَانُ ثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، قَالَ: سَمِعْت الْحَيَّ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَاهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ فِيهِ، قَالَ سُفْيَانُ٢ لَوْ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ قَالَ: سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ شَبِيبٌ: إنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ، سَمِعْتُ الْحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ بَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ رَدًّا عَلَى عَبْدِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، فَقَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ نِسْبَةَ هَذَا الْحَدِيثِ إلَى الْبُخَارِيِّ كَمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مَا يُخَرِّجُهُ مِنْ صَحِيحِ الْحَدِيثِ خَطَأٌ، إذْ لَيْسَ مِنْ مَذْهَبِهِ تَصْحِيحُ حَدِيثٍ فِي إسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ، كَهَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّ الْحَيَّ الَّذِينَ حَدَّثُوا بِهِ شَبِيبًا لَا يُعْرَفُونَ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ هَكَذَا مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا سَاقَهُ الْبُخَارِيُّ جَارًا لِمَا هُوَ مَقْصُودُهُ فِي آخِرِهِ، مِنْ ذِكْرِ الْخَيْلِ، وَلِذَلِكَ


١ عند البخاري في بدء الخلق قبل باب فضائل الصحابة ص ٥١٤ ج ١، وعند مسلم في الإمارة باب فضيلة الخيل ص ١٣٢ ج ٢ في فضيلة الخيل فقط.
٢ قال سفيان: كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه، أي عن شبيب بن غرقدة، قال: سمعه شبيب من عروة القائل هو الحسن، قوله: فأتيته، أي قال سفيان: أتيت شبيباً، قال في فتح الباري: أراد البخاري بذلك بيان ضعف رواية الحسن بن عمارة، وأن شبيباً لم يسمع الخبر من عروة البارقي، وإنما سمعه من الحي، انتهى. من هوامش، البخاري ص ٥١٤ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>