للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْبَابِ آثَارٌ: مِنْهَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ١ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ نَحَلَهَا جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا بِالْعَالِيَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: مَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْك، وَلَا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْك، وَإِنِّي كُنْت نَحَلْتُك جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا، فلو كنت حزيته كَانَ لَك، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ: هُمَا أَخَوَاك، وَأُخْتَاك، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَتْ: يَا أَبَتِ وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْته، إنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ، فَمَنْ الْأُخْرَى؟ قَالَ: ذُو بَطْنٍ بِنْتُ خَارِجَةَ، أَرَاهَا جَارِيَةً، فَوُلِدَتْ جَارِيَةً أَخَوَاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَبِنْتُ خَارِجَةَ هِيَ حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ زَوْجَةُ أَبِي بَكْرٍ، كَانَتْ ذَلِكَ الْوَقْتَ خَارِجَةٌ، فَوَلَدَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ، انْتَهَى. وَعَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي مُوَطَّأَهُ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعَائِشَةَ: يَا بُنَيَّةَ إنِّي كُنْت نَحَلْتُك نَخْلًا مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ آثَرْتُك عَلَى وَلَدِي، وَإِنَّك لَمْ تكوني حزيته فَرُدِّيهِ عَلَى وَلَدِي، فَقَالَتْ: لَوْ كَانَتْ لِي خَيْبَرُ بجدادها لَرَدَدْتهَا، انْتَهَى.

أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِي أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَنْحَلُونَ أَوْلَادَهُمْ، فَإِذَا مَاتَ الِابْنُ قال الأب: مالي وَفِي يَدِي، وَإِذَا مَاتَ الأب، قال: مالي كُنْت نَحَلْت ابْنِي إلَى كذا وكذا، ألا لايحل إلَّا لِمَنْ حَازَهُ وَقَبَضَهُ، انْتَهَى٢.

أَثَرٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: زَعَمَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ: أَيُّمَا رَجُلٍ نَحَلَ مَنْ قَدْ بَلَغَ الْحَوْزَ، فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ، فَتِلْكَ النِّحْلَةُ بَاطِلَةٌ، وَزَعَمَ أَنَّ عُمَرَ أَخَذَهُ مِنْ نَحْلِ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ، فَلَمْ يَبْنِهَا بِإِفْرَادِهِ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ أَكُلَّ أَوْلَادِكَ نَحَلْت مِثْلَ هَذَا؟، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ٣ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: إنَّ أَبَاهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنِّي نَحَلْت ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي، فَقَالَ


١ عند مالك في الموطأ في القضاء باب مالا يجوز من النحل ص ٣١٤، وفيه أن أبا بكر نحلها جداد عشرين وسقاً بالغابة، وفي الموطأ لمحمد بن الحسن الشيباني بالعالية كما في التخريج، والله أعلم.
٢ قال الإمام محمد في الموطأ في باب النحلى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان ابن عفان قال: من نحل ولداً صغيراً لم يبلغ أن يجوز نحله، فأعلن بها، وأشهد عليها، فهي جائزة، وإن وليها أبوها، قال محمد: وبهذا كله نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
٣ عند البخاري في الهبة باب الهبة للولد ص ٣٥٢ ج ١، وعند مسلم في الهبة باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة ص ٣٦ ج ٢، وعند الدارقطني في البيوع ص ٣٠٦ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>