للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَقَدْ كَانَ من أمري مالا يَخْفَى عَلَيْك، وَإِنِّي وَقَعْت فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَإِنِّي كَاتَبْت عَلَى نَفْسِي، فَجِئْت أَسْأَلُك فِي كِتَابَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهَلْ لَك إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ"؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "أؤدي عنك كتابك، وَأَتَزَوَّجُكِ"؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رسول الله، قال: "قَدْ فَعَلْت"، قَالَتْ: فَتَسَامَعَ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ، فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ يَعْنِي مِنْ السَّبْيِ فَأَعْتَقُوهُمْ، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَمَا رَأَيْنَا امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا، أُعْتِقَ فِي سَبِيلِهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ رَاهْوَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْحَادِيَ عَشَرَ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْفَضَائِلِ١ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ، وَلَفْظُ الْوَاقِدِيِّ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ عَنْهُ، ثُمَّ قَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فأعطى الفارسين سَهْمَيْنِ، وَالرَّاجِلَ سَهْمًا، فَوَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ فِي قِسْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمٍّ لَهَا، يُقَالُ لَهُ: صَفْوَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَذِيمَةَ، فَقُتِلَ عَنْهَا، فَكَاتَبَهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى نَفْسِهَا، عَلَى تِسْعِ أَوْرَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً، لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إلَّا أَخَذَتْ نَفْسَهُ، قَالَتْ: فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي إذْ دَخَلَتْ جَوَيْرِيَةَ تَسْأَلُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَكَرِهْتُ دُخُولَهَا، وَعَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ، سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْأَمْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَوَقَعْتُ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، فَكَاتَبَنِي عَلَى مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ، وَمَا أَكْرَهَنِي عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنِّي رَجَوْتُك صَلَّى اللَّهُ عليك، أعني في فكاكي، فقال: "أو خير مِنْ ذَلِكَ"؟ قَالَتْ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "أُؤَدِّي عَنْكِ كتابك، وَأَتَزَوَّجُكِ". قَالَتْ: نَعَمْ يَا رسول الله، قال: "قَدْ فَعَلْتُ"، فَأَدَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا، وَتَزَوَّجَهَا، وَخَرَجَ، فَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَرَقُّونَ؟! فَأَعْتَقُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ سَبْيِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَبَلَغُوا مِائَةُ أهل بيت، قال: فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ عَلَى قَوْمِهَا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا، انْتَهَى.

هَكَذَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي، وَالْحَاكِمُ نَقَصَ مِنْهُ التَّارِيخَ، وَزَادَ فِيهِ قَوْلَهُ: وَذَلِكَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَزَادَ فِيهِ٢ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى: وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ رَأْسَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَسَيِّدَهُمْ،


١ في المستدرك في فضائل جويرية بنت الحارث ص ٢٦ ج ٤.
٢ قال الحافظ في الدراية ص ٣٨١: وأخرجه الحاكم من طريقه، وزاد: كان اسمها برة، فسماها جويرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>