للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُهُ يَتَغَدَّى، فقال: "أدن، فكلْ، فَقُلْتُ: إنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: إذَنْ أُخْبِرْك عَنْ الصَّوْمِ، إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الْحَامِلِ. وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ"، فيالهف نَفْسِي أَنْ لَا أَكُونَ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَا يُعْرَفُ لِأَنَسٍ هَذَا، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ".

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ١" عَنْ الْعَلَاءِ بْن زُهَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ، حَتَّى إذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي، أَنْتَ وَأَمِّي قَصَرْتَ، وَأَتْمَمْتُ، وَأَفْطَرْتَ، وَصُمْتُ، قَالَ: "أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ"، وَمَا عَابَ عَلَيَّ، انْتَهَى. وَالْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ الثقات مالا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ، فَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، كَذَا قَالَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ"، وَذَكَرَهُ فِي "كِتَابِ الثِّقَاتِ" أَيْضًا، فَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ٢، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا" عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ٣ عَنْ عَائِشَةَ بِهِ، وَلَفْظُهُمَا، قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ، فَأَفْطَرَ، وَصُمْتُ، وَقَصَرَ، وَأَتْمَمْتُ، فَقُلْت: بِأَبِي وَأَمِّي أَنْتَ، الْحَدِيثَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَذَكَرَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ" أَنَّ هَذَا الْمَتْنَ مُنْكَرٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي رَمَضَانَ قَطُّ، انْتَهَى. قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ٤ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةً وَاحِدَةً، وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ، كُلُّهُنَّ


١ في باب المقام الذي يقصر بمثله" ص ٢١٣، والبيهقي: ص ١٤٢ ج ٣، وقال ابن القيم في "الهدى" ص ١٣٠: ناقلاً عن شيخه ابن تيمية: هذا الحديث كذب على عائشة، ولم تكن عائشة تصلي بخلاف صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسائر الصحابة، وهي تشاهدهم يقصرون، وتتم هي وحدها بلا موجب، وكيف: وهي القائلة: فرضت الصلاة ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأقرت صلاة السفر، فكيف يظن أنها تزيد على ما فرض الله، وتخالف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأصحابه؟!، قال الزهري لعروة لما حدثه عن أبيه عنها بذلك: فما شأنها كانت تتم الصلاة؟ فقال: تأولت كما تأول عثمان، فإذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حسن فعلها، وأقرها عليه، فما للتأويل وجه، ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل، مع هذا التقدير، اهـ، قلت: قد تكلم الحافظ ابن تيمية على هذا الحديث في "فتاواه" ص ٤٠٩ ج ٢، وقال ابن قيم في "الهدى" ص ١٧٠: هذا الحديث غلط، فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعتمر في رمضان قط، وعمره مضبوطة العدد. والزمان، ونحن نقول: يرحم الله أم المؤمنين، ما اعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان قط، وقد قالت عائشة: لم يعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا في ذي القعدة، رواه ابن ماجه. وغيره، اهـ.
٢ ص ٢٤٢، والبيهقي: ص ١٤٢ ج ٣.
٣ قال البيهقي: من قال: عن أبيه في هذا الحديث، فقد أخطأ، اهـ.
٤ البخاري في "باب كم اعتمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص ٢٣٩، ومسلم في "باب بيان عدد عمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>