للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ثُبُوتِ الحديثين نظر، انْتَهَى. قُلْت: وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِمَا مَا رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"١، قَالَ إسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ فِي الْحَجِّ، وَدَخَلَهُ عَامَ الْفَتْحِ، وَلَفْظُ إسْحَاقَ: يَوْمَ الْفَتْحِ يَمْحُو صُوَرًا فِيهِ، فَلَمَّا دَخَلَهُ أَمَرَ بِالصُّوَرِ، فَمُحِيَتْ، زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: فَلَمَّا نَزَلَ، صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، أَوْ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْحَجَرِ. وَالْبَابِ، مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ، وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ، انْتَهَى. وَفِي "الْبُخَارِيِّ٢ فِي بَابِ مَنْ كَبَّرَ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ" عن ابن عباسن قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ، وَفِيهِ الْآلِهَةُ، وَأَمَرَ بِهَا، فَأُخْرِجَتْ، فَأَخْرَجُوا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ عليهما السلام، وَفِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ عليه السلام،: "قائلهم اللَّهُ، أَمَا عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهِمَا قَطُّ"، فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ، انْتَهَى. فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُصَلِّ فِيهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، لِأَنَّ إخْرَاجَ الصُّوَرِ مِنْ الْبَيْتِ إنَّمَا كَانَ زَمَنَ الْفَتْحِ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ عَامَ الْحَجِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ": وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ خَبَرِ بِلَالٍ، وَخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ يُحْمَلُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى يَوْمِ الْفَتْحِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، انْتَهَى. وَهَذَا يَرُدُّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ، أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ فِي الْحَجِّ.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: رَوَى أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"٣ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالَ: قُلْت لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَلَفْظُهُمْ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، قُلْت: لَأَلْبَسَنَّ ثِيَابِي، فَلَأَنْظُرَنَّ مَا يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ الْيَوْمَ، فَانْطَلَقْت، فَوَافَيْته قَدْ خَرَجَ مِنْ الْكَعْبَةِ، وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ، فَقُلْت لِعُمَرَ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ، قَالَ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فِيهِ مَقَالٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"٤ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، مِنْ


١ قال الهيمثي في "الزوائد" ص ٢٩٣ ج ٣: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف، قد وثق، اهـ. قلت: وفيه: "لم يدخل البيت عام الفتح، ودخل في الحج" فليراجع.
٢ البخاري في "الحج" ص ٢١٨، وأبو داود في "الحج" ص ٢٨٤.
٣ أبو داود في "الحج في باب الصلاة في الكعبة" ص ٢٨٤، وأحمد في "مسنده" ص ٤٣١ ج ٣.
٤ وأخرجه أحمد في "مسنده" ص ٤١١ ج ٣، ولكن فيه: "وصلى في قبل الكعبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>