للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ " مَنْ كَانَ صَحِيحَ الْبَدَنِ قَادِرًا عَلَى الْمَشْيِ وَلَهُ زَادٌ فَقَدِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً فَيَلْزَمُهُ فَرْضُ الْحَجِّ " (١) .

وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِمَا وَرَدَ مِنَ الأَْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَسَّرَ السَّبِيل بِاسْتِطَاعَةِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، مِثْل حَدِيثِ أَنَسٍ: قِيل يَا رَسُول اللَّهِ مَا السَّبِيل؟ قَال: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ (٢) .

فَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاِسْتِطَاعَةَ الْمَشْرُوطَةَ " بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ جَمِيعًا " وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمَشْيِ لاَ تَكْفِي لاِسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ " (٣) .

الأَْمْرُ الثَّانِي: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الزَّادِ وَوَسَائِل الْمُوَاصَلَةِ هَل يُشْتَرَطُ مَلَكِيَّةُ الْمُكَلَّفِ لِمَا يُحَصِّلُهَا بِهِ أَوْ لاَ يُشْتَرَطُ؟

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مِلْكَ مَا يُحَصِّل بِهِ الزَّادَ وَوَسِيلَةَ النَّقْل (مَعَ مُلاَحَظَةِ مَا ذَكَرْنَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ) شَرْطٌ لِتَحَقُّقِ


(١) مختصر خليل والشرح الكبير ٢ / ٦، ومواهب الجليل ٢ / ٤٩١، وشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني لأبي الحسن المالكي ١ / ٤٥٥، وانظر تفسير القرطبي ٤ / ١٤٦ - ١٤٩.
(٢) حديث أنس: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ أخرجه الحاكم (١ / ٤٤٢ - ط دائرة المعارف العثمانية) والبيهقي (٤ / ٣٣٠ - ط دائرة المعارف العثمانية) ، أعله البيهقي بالإرسال. ونقل ابن حجر في الفتح (٣ / ٣٧٩ - ط السلفية) عن ابن المنذر أنه قال: " لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة ".
(٣) بدائع الصنائع ٢ / ١٢٢.