للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَشْتَرِطُ مَالِكٌ الْبُلُوغَ فِي الأُْنْثَى، وَلَكِنَّهُ يَشْتَرِطُهُ فِي الْغُلاَمِ، وَيَعْتَبِرُ الصَّبِيَّةَ مُحْصَنَةً إِذَا كَانَتْ تُطِيقُ الْوَطْءَ، أَوْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ (١) ، لأَِنَّ مِثْل هَذِهِ الصَّبِيَّةِ يَلْحَقُهَا الْعَارُ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَحْمَدَ فِي اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ، فَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطٌ يَجِبُ تَوَفُّرُهُ فِي الْمَقْذُوفِ؛ لأَِنَّهُ أَحَدُ شَرْطَيِ التَّكْلِيفِ، فَأَشْبَهَ الْعَقْل؛ وَلأَِنَّ زِنَى الصَّبِيِّ لاَ يُوجِبُ حَدًّا، فَلاَ يَجِبُ الْحَدُّ بِالْقَذْفِ بِهِ، كَزِنَى الْمَجْنُونِ.

وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ أَنَّ الْبُلُوغَ لَيْسَ شَرْطًا، لأَِنَّهُ حُرٌّ عَاقِلٌ عَفِيفٌ يَتَعَيَّرُ بِهَذَا الْقَوْل الْمُمْكِنِ صِدْقُهُ، فَأَشْبَهَ الْكَبِيرَ. وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا مِمَّنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ (٢) . وَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى اخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ.

هـ - الْعِفَّةُ عَنِ الزِّنَى: مَعْنَى الْعِفَّةِ عَنِ الزِّنَى أَلاَّ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ وَطِئَ فِي عُمْرِهِ وَطْئًا حَرَامًا فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلاَ نِكَاحٍ أَصْلاً، وَلاَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَسَادًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ سَقَطَتْ عِفَّتُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ زِنًى مُوجِبًا لِلْحَدِّ أَمْ لاَ، فَالْعِفَّةُ الْفِعْلِيَّةُ يَشْتَرِطُهَا الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ، وَأَحْمَدُ يَكْتَفِي بِالْعِفَّةِ الظَّاهِرَةِ عَنِ الزِّنَى، فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ الزِّنَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، وَمَنْ لَمْ يُحَدَّ لِلزِّنَا فَهُوَ عَفِيفٌ. ثُمَّ إِنْ كَانَ الْقَذْفُ بِنَفْيِ النَّسَبِ حُدَّ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بِالزِّنَى فِيمَنْ لاَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ فَلاَ يُحَدُّ قَاذِفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ. وَقَالُوا: لاَ حَدَّ عَلَى


(١) مواهب الجليل ٦ / ٢٩٨، ٢٩٩، وابن عابدين ٣ / ١٦٨، والمهذب ٢ / ٢٧٣
(٢) المغني ٩ / ٨٤ ط مكتبة القاهرة.