للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُكْمُ هَذَا التَّرْتِيبِ:

٨٥ - مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ:

وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الاِخْتِلاَفِ هُوَ وُرُودُ حَدِيثٍ آخَرَ يَدُل عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ، لاَ فِدَاءَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ.

ذَلِكَ هُوَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَال رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْل أَنْ أَذْبَحَ؟ قَال: اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَال: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْل أَنْ أَرْمِيَ؟ قَال: ارْمِ وَلاَ حَرَجَ فَمَا سُئِل يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَال: افْعَل وَلاَ حَرَجَ (١) .

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى وُجُوبِ تَرْتِيبِ أَعْمَال يَوْمِ النَّحْرِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِهِ لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَ الأَْدِلَّةِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالصَّاحِبَانِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الأَْخِيرِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: فَمَا سُئِل يَوْمئِذٍ. . يَدُل بِعُمُومِهِ عَلَى سُنِّيَّةِ التَّرْتِيبِ.

أَمَّا الأَْوَّلُونَ فَاسْتَدَلُّوا بِفِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ


(١) حديث عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع. . . أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٥٦٩ - ط السلفية) ومسلم (٢ / ٩٤٨ - ط الحلبي) .