للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَنَيَا، وَلَوْ كَانَ الإِْسْلاَمُ شَرْطًا فِي الإِْحْصَانِ مَا رَجَمَهُمَا.

ثُمَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوْ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ (١) "؛ وَلأَِنَّهُ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ فَكَانَ حَدُّهُ الرَّجْمَ كَالَّذِي لَمْ يَرْتَدَّ.

وَنَظَرًا لأَِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَجْعَل الإِْسْلاَمَ شَرْطًا فِي الإِْحْصَانِ فَالْمُحْصَنُ إِذَا ارْتَدَّ يَبْطُل إِحْصَانُهُ. وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ. (٢) فَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ لاَ يَبْقَى مُحْصَنًا لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الإِْحْصَانِ وَهُوَ الإِْسْلاَمُ. وَبِهَذَا أَخَذَ مَالِكٌ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ حُكْمُ الإِْحْصَانِ سَوَاءٌ فِي إِحْصَانِ الرَّجْمِ أَوِ الْقَذْفِ، ثُمَّ ارْتَدَّ عَنِ الإِْسْلاَمِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ حُكْمُ الإِْحْصَانِ، فَإِنْ رَجَعَ إِلَى الإِْسْلاَمِ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا إِلاَّ بِإِحْصَانٍ مُسْتَأْنَفٍ. وَاسْتَدَل مَالِكٌ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (٣) وَهَذَا قَدْ أَشْرَكَ، فَوَجَبَ أَنْ يَحْبَطَ كُل عَمَلٍ كَانَ عَمِلَهُ.


(١) حديث: " أو زنى. . . " رواه الجماعة.
(٢) حديث: " من أشرك بالله. . . " أخرجه إسحاق بن راهوية في مسنده، ومن طريقه رواه الدارقطني، وقال: " الصواب موقوف "، ورجح صاحب الفتح رفعه، (نصب الراية ٣ / ٣٢٧، وفتح القدير ٥ / ٢٤)
(٣) سورة الزمر / ٦٥ وانظر الدسوقي ٤ / ٣٢٥