للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاَ تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ (١) وَلأَِنَّ تَعْظِيمَ الْمَسْجِدِ وَاجِبٌ. وَفِي إِِقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهِ تَرْكُ تَعْظِيمِهِ (٢) .

وَلاَ خِلاَفَ فِي إِقَامَتِهَا فِي الْحَرَمِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مُوجِبَ الْحَدِّ فِيهِ، أَمَّا مَنِ ارْتَكَبَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ وَلَجَأَ إِلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يُسْتَوْفَى فِيهِ حَدٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا (٣) } ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا (٤) (أَيْ مَكَّةَ) . وَقَالُوا: يُقَاطَعُ فَلاَ يُبَايَعُ وَلاَ يُشَارَى وَلاَ يُطْعَمُ وَلاَ يُؤْوَى وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَدُّ.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ تُسْتَوْفَى الْحُدُودُ فِيهِ، لِمَا رَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمَّا نَزَعَ الْمِغْفَرَ، جَاءَهُ رَجُلٌ


(١) حديث: " لا تقام الحدود في المساجد " أخرجه الترمذي (٤ / ١٩ - ط الحلبي) وابن ماجه (٢ / ٨٦٧ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس، وفي إسناده ضعف كذلك، كما في التلخيص لابن حجر (٤ / ٧٧ - ط شركة الطباعة الفنية) ، وهو حسن لطرقه.
(٢) البدائع ٧ / ٦٠، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٢٣ ط مصطفى البابي الحلبي، والشرح الصغير ٤ / ٢٠١، وروضة الطالبين ١٠ / ١٧٣، وكشاف القناع ٦ / ٨٠.
(٣) سورة آل عمران / ٩٧.
(٤) حديث " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ١٩٧ - ط السلفية) من حديث أبي شريح.