للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكِنْ مَنْ كَانَ صَاحِبَ حِرْفَةٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ مِنْهَا أَثْنَاءَ سَفَرِهِ لِلْحَجِّ مَا يَكْفِيهِ فَهَل يُعْتَبَرُ مُسْتَطِيعًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ؟

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُسْتَطِيعًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ إِذَا كَانَتِ الْحِرْفَةُ لاَ تُزْرِي بِهِ وَيَكْتَسِبُ مِنْهَا، أَثْنَاءَ سَفَرِهِ وَعَوْدَتِهِ مَا يَكْفِيهِ وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ كَسَادِهَا.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ مُسْتَطِيعًا وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، لأَِنَّ الاِسْتِطَاعَةَ مِلْكُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ.

لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحُجَّ لأَِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إِسْقَاطِ الْفَرْضِ بِمَشَقَّةٍ لاَ يُكْرَهُ تَحَمُّلُهَا، فَاسْتُحِبَّ لَهُ إِسْقَاطُ الْفَرْضِ كَالْمُسَافِرِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ. وَخُرُوجًا مِنَ الْخِلاَفِ كَمَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ (١) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٌّ) .

سَادِسًا: الْقِيَامُ بِالْحِرَفِ فِي الْمَسَاجِدِ:

٩ - لِلْمَسَاجِدِ حُرْمَةٌ لأَِنَّهَا بُيُوتُ اللَّهِ أُقِيمَتْ لِلْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ، وَيَجِبُ صِيَانَتُهَا عَنْ كُل مَا يَشْغَل عَنْ ذَلِكَ.

لَكِنْ هَل يُعْتَبَرُ الْقِيَامُ بِالْحِرَفِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِجَارَةً أَمْ صِنَاعَةً فِي الْمَسَاجِدِ مُنَافِيًا لِحُرْمَتِهَا؟


(١) الشلبي على الزيلعي ٢ / ٤ وفتح القدير ٢ / ٣٢٢ ومنح الجليل ١ / ٤٣٧ والمهذب ١ / ٢٠٤ وكشاف القناع ٢ / ٣٨٨.