للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكُمْ بِمَا يَجْلِبُونَهُ إِلَيْكُمْ مِنَ الْمَكَاسِبِ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَلَبَ إِنَّمَا يُجْلَبُ إِِلَى الْبَلَدِ وَالْحَرَمِ، لاَ إِِلَى الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ.

وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، فَعُوقِبُوا بِالْمَنْعِ مِنْ دُخُولِهِ بِكُل حَالٍ (١) . صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَاخْتَلَفُوا فِي اجْتِيَازِ الْكَافِرِ الْحَرَمَ بِصِفَةٍ مُؤَقَّتَةٍ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِِلَى مَنْعِ دُخُول الْكُفَّارِ إِِلَى الْحَرَمِ مُطْلَقًا، لِعُمُومِ الآْيَةِ. فَإِِنْ أَرَادَ كَافِرٌ الدُّخُول إِِلَى الْحَرَمِ مُنِعَ مِنْهُ. فَإِِنْ كَانَتْ مَعَهُ مِيرَةٌ أَوْ تِجَارَةٌ خَرَجَ إِلَيْهِ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ وَلَمْ يُتْرَكْ هُوَ يَدْخُل. وَإِِنْ كَانَ رَسُولاً إِِلَى إِمَامٍ بِالْحَرَمِ خَرَجَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ رِسَالَتَهُ وَيُبَلِّغُهَا إِيَّاهُ. فَإِِنْ قَال: لاَ بُدَّ لِي مِنْ لِقَاءِ الإِِْمَامِ وَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ خَرَجَ إِلَيْهِ الإِِْمَامُ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالدُّخُول.

وَإِِذَا أَرَادَ مُشْرِكٌ دُخُول الْحَرَمِ لِيُسْلِمَ فِيهِ مُنِعَ مِنْهُ حَتَّى يُسْلِمَ قَبْلَهُ (٢) .

قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: وَإِِذَا دَخَل الْمُشْرِكُ الْحَرَمَ بِغَيْرِ إِذْنٍ عُزِّرَ وَلَمْ يُسْتَبَحْ بِهِ قَتْلُهُ، وَإِِنْ دَخَلَهُ بِإِِذْنٍ لَمْ يُعَزَّرْ وَيُنْكَرُ عَلَى مَنْ أَذِنَ لَهُ (٣) .


(١) تفسير الأحكام للجصاص ٣ / ٨٨، وتفسير القرطبي ٨ / ١٠٤، والزرقاني ٣ / ١٤٢، والحطاب ٣ / ٣٨١، والجمل ٥ / ٢١٥، والمغني ٨ / ٥٢٩ - ٥٣١.
(٢) المراجع السابقة، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١٦٧، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٩٥.
(٣) الأحكام السلطانية للماوردي ص ١٦٧، ولأبي يعلى ص ١٩٥.