للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا فَعَل مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ إِحْيَاءٌ. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَقَال عِيَاضٌ: اتُّفِقَ عَلَى أَحَدِ سَبْعَةِ أُمُورٍ: تَفْجِيرِ الْمَاءِ، وَإِخْرَاجِهِ عَنْ غَامِرِهَا بِهِ، وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالْحَرْثِ، وَمِثْلُهُ تَحْرِيكُ الأَْرْضِ بِالْحَفْرِ، وَقَطْعِ شَجَرِهَا، وَسَابِعُهَا كَسْرُ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَةُ حَفْرِهَا وَتَعْدِيل أَرْضِهَا (١) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَا يَكُونُ بِهِ الإِْحْيَاءُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، فَإِنْ أَرَادَ مَسْكَنًا اشْتُرِطَ لِحُصُولِهِ تَحْوِيطُ الْبُقْعَةِ بِآجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ أَوْ مَحْضِ الطِّينِ أَوْ أَلْوَاحِ الْخَشَبِ وَالْقَصَبِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَسَقْفِ بَعْضِهَا لِتَتَهَيَّأَ لِلسُّكْنَى، وَنَصْبِ بَابٍ لأَِنَّهُ الْمُعْتَادُ فِي ذَلِكَ. وَقِيل لاَ يُشْتَرَطُ؛ لأَِنَّ السُّكْنَى تَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ زَرِيبَةً لِلدَّوَابِّ فَيُشْتَرَطُ التَّحْوِيطُ، وَلاَ يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ أَوْ أَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَلاَ يُشْتَرَطُ السَّقْفُ؛ لأَِنَّ الْعَادَةَ فِي الزَّرِيبَةِ عَدَمُهُ، وَالْخِلاَفُ فِي الْبَابِ كَالْخِلاَفِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْكَنِ. وَالإِْحْيَاءُ فِي الْمَزْرَعَةِ يَكُونُ بِجَمْعِ التُّرَابِ حَوْلَهَا، لِيَنْفَصِل الْمُحْيَا عَنْ غَيْرِهِ. وَفِي مَعْنَى التُّرَابِ قَصَبٌ وَحَجَرٌ وَشَوْكٌ، وَلاَ حَاجَةَ إِلَى تَحْوِيطِ وَتَسْوِيَةِ الأَْرْضِ بِطَمِّ الْمُنْخَفِضِ وَكَسْحِ الْمُسْتَعْلِي.

فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ إِلاَّ بِمَا يُسَاقُ إِلَيْهَا فَلاَ بُدَّ مِنْهُ لِتَتَهَيَّأَ لِلزِّرَاعَةِ. وَلاَ تُشْتَرَطُ الزِّرَاعَةُ بِالْفِعْل عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ؛ لأَِنَّهَا اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الإِْحْيَاءِ. وَالْقَوْل الثَّانِي: لاَ بُدَّ مِنْهَا؛ لأَِنَّ الدَّارَ لاَ تَصِيرُ مُحْيَاةً إِلاَّ إِذَا حَصَل فِيهَا عَيْنُ مَال الْمُحْيِي، فَكَذَا الأَْرْضُ (٢) .


(١) التاج والإكليل على هامش الحطاب ٦ / ١٢، والدسوقي ٤ / ٦٩ - ٧٠
(٢) القليوبي وعميرة ٣ / ٩٠،٩١ ط الحلبي.