للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَال ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. (١)

ثُمَّ قَال: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، مُشْكِلٌ بِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (٢) فَيَقْتَضِي أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ نَفْسُ الْفِعْل، لاَ الأَْمْرُ بِهِ، وَهُوَ خِلاَفُ مَا نَقَلْتُهُ قَبْل هَذَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ مُئَوَّلٌ، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ إِطْلاَقِ الأَْمْرِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ الَّذِي هُوَ الْفِعْل، فَظَاهِرُهُ مُعَارِضٌ لِمَا حَرَّرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا: الصَّلاَةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلاَّ أَمْرُهُ بِهَا، إِذْ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهَا لَمْ يَصْدُقْ أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَنَجْزِمُ بِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ نَفْسُ الأَْمْرِ، لاَ الْفِعْل، وَمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ مُئَوَّلٌ. (٣)

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:

٤ - الْحَقُّ هُوَ الْفِعْل: ذَكَرَ سَعْدٌ التَّفْتَازَانِيُّ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْفِعْل فَقَال: الْمَحْكُومُ بِهِ (وَهُوَ


(١) الفروق ١ / ١٤٠ - ١٤٢ الفرق الثاني والعشرين بين قاعدة حقوق الله تعالى وقاعدة حقوق الآدميين.
(٢) حديث: " حق الله على العباد أن يعبدوه. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٣٩٧ - ٣٩٨ ط السلفية) ومسلم (١ / ٥٨ - ط الحلبي) من حديث معاذ بن جبل.
(٣) المرجع السابق.